مطر الكلمات
بطالة.. وغلاء.. وجريمة.. وأشياء أخرى
/ سمر المقرن /
لو استسلمت واستجبت لرسائل قارئاتي العزيزات وقرائي الأعزاء، فلن أكتب إلا عن «البطالة»، والتي هي بلا أدنى شك سبب رئيسي للسرقة والمخدرات وأنواع الانحرافات الأخرى، أيضا غلاء المعيشة سبب للضغط المادي والنفسي وقد يؤدي بالشخص إلى الخروج عن الطاقة التي قد تتحملها النفس. مشكلة البطالة هي من اختصاصات وزارة العمل التي لم تنجح إلى اليوم بوضع خطط توظيف مناسبة ونجحت في أن تجعل الحد الأدنى لراتب السعودي 1500 ريال -لا غير- أما غلاء المعيشة فهو من اختصاص حماية المستهلك وهي الهيئة الأهلية التابعة لوزارة التجارة. البطالة تزداد لدينا بسبب مشاكل كثيرة تتحملها وزارة العمل التي تنص أنظمتها على أن تكون نسبة السعودة 10 % طبعا خطط «مدروسة» ومحكمة جداً، فتوظيف المرأة والمعوق يعادل أربعة من الرجال، وإذا كان لديك عقد حكومي تنزل نسبة السعودة إلى 5% وهكذا بكل بساطة تنتهي البطالة حسب تلك الخطط المدروسة! أما بقية الموظفين فهم أجانب وعددهم في ازدياد يتنافس مع السعوديين!
إن التلاعب بأحلام الشابات والشباب خطأ كبير بحد ذاته، فماذا يفعل بعد سنوات طويلة من الدراسة معلقا أحلامه بوظيفة تكفيه شر الانحرافات، لكنه في النهاية قد يجد نفسه لصا يسرق المنازل، وفي هذه الحالة لن يجد حتى من يوقفه لأن الشرطة لن تقبض عليه، وسيظل حرا طليقا، وقد مررت بهذه التجربة وكان منزلي واحدا من بين مئات البيوت التي سُرقت في الرياض، ومن إجازة الصيف إلى يومنا هذا واللصوص أحرار يتجولون من بيت لآخر، وهؤلاء قد ينطبق عليهم مسمى (المجرم الضحية) لأنهم مجرمون لكنهم ضحايا مجتمع لم يربهم، ولم يردعهم دينياً، وضحايا لمخرجات تعليم غير مقبولة في سوق العمل، وضحايا لمؤسسات مسئولة لم تعمل على تخطيط برامج وظيفية لهم، وضحايا لغلاء المعيشة، وضحايا للألم النفسي الناتج عن هذا كله.
لنذهب إلى هيئة حماية المستهلك التي يموت التجار وأهل الأسواق منها رعبا، فإذا شعرت بزيادة في سعر سلعة هدد صاحب المتجر بحماية المستهلك وسوف يعطيك مبلغ الأجرة لتذهب إلى جمعية حماية المستهلك! ليت لها نفوذا للحد من الفوضى في التلاعب في الأسعار مع أنها تلقى الدعم الكامل من الحكومة، وقد تبرع لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بتبرع قيمته 10 ملايين ريال، والباقي من ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وكان رأس المال 15 مليون لتأسيس الهيئة، وهي جمعية أهلية هدفها الحد من ارتفاع الأسعار والغش والتقليد، ومع ذلك الأسعار في ارتفاع، والأسواق مليئة بالبضائع المغشوشة والرقم المجاني لا أحد يجيب! اكتفت الهيئة بدورها في سحب نوع من السيارات، كان عملا بطوليا تصدرت أخباره الصحف العالمية ونقلته الوكالات وهذا العمل يكفيها «إعلاميا» عشر سنوات لتنام الهيئة على وسادة من ريش النعام، فلم يعملوا على الحد من ارتفاع المواد الغذائية، ولا حتى ارتفاع قطع غيار السيارات. والتجار يزيدون ويرفعون الأسعار «ما أحد حولك». البلاد من أغنى بلاد العالم والحكومة لم تقصر، لكن المشكلة أن ارتفاع الأسعار لم يلق متابعة من هيئة حماية المستهلك لتوقف هذا الجنون. في الحقيقة، إن هذه الأوضاع التي أودت ببناتنا وشبابنا إلى غياهب الظلام، هي بوابة لسلوكيات قد لا نحمد عقباها.
المصدر
f'hgm>> ,yghx>> ,[vdlm>> ,Hadhx Hovn