تطبيق القوانين والأنظمة فعلٌ حضاري يعكس ثقافة المواطن ووعيه لأهمية التنظيم في بناء مجتمع متقدم تسوده العدالة ، وتتحقق فيه المساواة بين كل أفراده, وبما أن القانون هو الحماية الحقيقية لهذا المجتمع فإن تطبيقه على كل الشرائح وفي كل
المؤسسات والدوائر ، أمرٌ حتمي تقتضيه مصلحة الدولة والمجتمع في آن معاً, وبقدر مانحافظ على سيادة القانون بقدر مانضمن مجتمعاً نظيفاً من الفساد والجريمة ومظاهر الانحراف التي تنخر العمود الفقري للمجتمعات ، وتسهل سقوطها وتفككها ، وتنعش في بنيانها الفئة الطفيلية التي تعيش على ثمار الفوضى وانتهاك حرمة القانون. واللافت للانتباه أن هذه الزمرة تعرف تماماً أماكن الظلام وتتقن التمركز فيها والاختباء تحت أجنحة العتمة ، متحينة الفرص الثمينة لنيل مرادها وتحقيق مآربها, وبما أنّ الضمير عند هؤلاء يغط في سباته الأبدي لابدّ من تنشيط أجهزة الرقابة والمحاسبة وتقويتها لتأخذ دورها في قمع كلّ أشكال التخريب ، والهدر والثراء غير المشروع والعبث بالأموال والممتلكات العامة, والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سنتهرب من مسؤولياتنا في عملية البناء والتطوير التي لايسرِّعُ دفعَ عجلتها إلى الأمام إلا احترامنا لسلطة القانون وجعلها المرجع الحقيقي في كلّ خطواتنا الإدارية والتنفيذية.
إنّ تنوع الإدارات واختلاف المهام لايعني تحت أي ظرف من الظروف استباحة القانون والقفز من فوقه بحجة أنّ مسوغات العمل تقتضي ذلك, وإذا كان لكلّ إدارة قانونها الناظم لسير عملها فإنّ ذلك لاينفي وجود قانون عام ناظم لكلّ المؤسسات والدوائر وهو القانون الأخلاقي الذي يرتكز على حب الوطن وينطلق من حرص المواطن - مسؤولاً كان أم مواطناً عادياً - على ازدهار وطنه وتقدمه وصيانته من كلّ أشكال الفساد وألوانه .
وما نلحظه أحياناً عند بعض ضعاف النفوس من استخدام سلطة القانون للابتزاز والسمسرة والمساومة ماهو إلا نتيجة لغياب القانون الأخلاقي ، والذي لايعيده إلا تفعيلُ المؤسسات الرقابية التي آن لها أن تنفض عنها غبار الكسل ، وتحرم عيونها الجميلة من لذة الكرى ومتعة الأحلام ، وتطرد من قلبها الرأفة بالمختلسين والمستهترين بمصلحة الوطن والمواطن .
hpjvhl hgr,hkdk >>> lsc,gdi ,'kdJJJi