حينما يُصدم الطفل( )
[justify]
يَنْظُرُ الطِّفْلُ الحَـالِمُ إلَى جَوْزِ السَّمَاءِ مُتَأمِّلاً , أَيُّ شَخْـصٍ أكُون , وَ لِأيِّ حَـالٍ أؤُول , وَلا يَزَالُ عَلَى هَذِهِ الحَـالَةِ مَا لَمْ يُصْدَم بِواقِعِ الحَيَاةِ , وَيَعْـلَمُ أنَّهُ لا يَسْتَطِيع أنْ يَكُونَ كَمَا اشْتَهَى إلا أن يشاء الله .
فَمِنْ الأطْفَالِ المَصْدُومِينَ مَنْ يَتَقَـبَّلُ الوَاقِـعَ الألِيم , وَيَسْـعَى بِجِدٍ أنْ يَكُـونَ أفْضَلُ مَا يَسْتَـطِيع , مُقْتَنِعَاً بِأنَّ الحَيَاةَ لا تُعْـطِ ولا تَمْـنَعْ , وَإنَّمَا الأمْـرُ قدَرٌ مَكْتُـوبٌ فِي لَوْحٍ مَحَفـُوظٍ .
وَمِنْهُمُ مَنْ يَبْـقَى إلِى الأبَـدِ طِفْلاً حَالِماً , فَلا يَزَالُ يَرْقُـبُ السَّـمَاءَ فِي شَجَـنٍ , وَ رُبَّمَا زَيَّفَ عَيْشَهُ , وَخَـدَعَ نَفْسَهُ , حَتَّى يُوهِمَهَا بِأنَّهُ تَلَبَّسَ بِحِلْمِهِ تَلَبُّسَاً تاماً , وَ ذَاقَ لَـذَّةُ اسْتِحَالَةِ الحُلْمِ إلَى حَقِيْقَةٍ .
وَهَذَه - الحال الأخيرة - عِنْدَ التَّأمُّلِ هُي حَـالُ أَغْلَبُ كُتَّبَنَا - لِلأسَفِ الشَّدِيدِ - فِبَعْضِـهِم لَمْ يَسْتَيْقِضْ بَعْدُ مِنْ سُبَاتِهِ العَمِـيقِ , ولازَالَ يَظُنُ أنَّ بَإمْكَـانِهِ أنْ يُصْـبِحَ كُـلَّ شَـيءٍ وَأيُّ شَـيءٍ .
فَالنَّاظِرُ فِي كِتَابَاتِهِم عُمُـومَاً , وَ مَا يَتَعَـلَّقُ مِنْهَا بِشُؤُونِ الدِّينِ الحَنِـيفِ خُصُوصَاً , يَـرَى وَبِشَكْلٍ عَجِيبٍ مَـدَى ضَعْفِهَا وَ قُصُـورِهِا عَنْ دَعَاويهِم العـَرِيضَةِ , والَّتِي لَمْ تُطِقْـهَا الأرْضُ ولا السَّـمَاءُ إحْتُواءً .
فَمِنْهُم مَنْ لا يَعْرِفُ حَتَّى مَا الإسْـلام وَمَا الإيمَـان ؟ , وَآخَرٌ لا يُفـَرِّقُ بَينَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ , وَآخَرٌ جَعَلَ الشّـِرْكَ المَحْضَ تَوْحِيدٌ خَالِصٌ , وَكُل هَذَا يَجْـرِي بَينَ أعْيُنِنَا , وَفِي صَحَافَتِنَا مِنْ غَيْرِ رَهْبَةٍ مِنْ اللَّهِ ولا حَياء مِنْ خَلْقِهِ .
ومِنْ العَجِـيبِ أنَّ أغْلَبُهُم لا يَتَوَرَّعُ عَنْ مَا حَـرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى , فَتَرَاهُ حَلِيقَ الذَّقْـنِ شَائِنُهُ , وَمُسْبِلَ الثَّـوبِ بَاذَلُهُ , قَدْ جَلَـسَ بَيْنَ مَنْ لا يُحْـمَدُ مَجْلِسُهُم , وَرُبَّمَا أُسْتُضَـيفَ فِي بَعْضِ بَرَامِجِ الرَّائِـي , فأخَذَ يَتَشَـدَّقُ بَينَ العَوانِسِ الكَاشِفَاتِ , مُغَـيبَّاً عَلَى الحَمْـقَى حَقِيقَتُهُ , كَاشِفَاً للعُقـَلاءِ سَرِيـرَتُهُ .
لا أشُـكُّ وَلَو لِوَهْلَةٍ , بِأنَّ مَظْـهَرَ الإنْسَانِ وَسُلُوكِهِ يُؤَثَّـرَانِ - وَأيُّمَا تَأثِيرٍ - عَلَى مَوَاقِفِ الإنسَـانِ مِنْ كُلِّ قَضِيَّة فِي حَيَاتِهِ , كَيْفَ لا! , وَالمَخَـالِفِ لَهَمْ غَالِباً هُمُ العُلَـمَاءِ , ومُوضُـوعِ الخِلافِ هُو الدَّينِ ! , فَلا هُم بَالَّذِينَ حَفِـظُوا حُقُوقَ اللَّهِ عَلَيهُم , وَلا بالَّذِين رَضَـوا عَنْ مَنْ حَفِظَهَا ! .
وَالحَقُ أقُـولُ ! بِأنَّهُم قَدْ أضَاعُوا الجَـادَّةَ المُسْتقِيمَةِ , وَلَـمْ يَنَالُوا مِنْ حَيَاتِهِم لا حُلْمَ الطُّفُولَةِ , ولا سِـتْرَ الكُهُولَةِ , فَبِئس الصنيع صَنِيعِهِم , وَبئسَ مَا أعـدُّوا لِلقَاءِ رَبِّهِم , وَلَيسَ لَهُم عَلـيْنَا إلا دُعَـاءَ المُشْفِقِ المُتَعَطِّفِ , فَهَدَانَا اللَّه وإيَّاهُم ! .
--[/justify]
pdklh dw]l hg'tg