الخطبة الثانية : الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد : فيقول الله سبحانه وتعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ . وقال الهن عز وجل : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا .
معاشر المؤمنين : لقد جاءت الأدلة الشعرية في السنة المحمدية بإثبات العرش وبيان صفاته ، وهي على النحو اللآتي :
الحديث الأول : ما جاء في الصحيحين من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ الْأُولَى .
الحديث الثاني خرجه الإمام مسلم في الصحيح من حديث عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرِو ابْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، قَالَ : وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ .
أما الحديث الثالث ، فهو ما جاء في الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيمُ الْحَلِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ .
الحديث الرابع ما خرجه الإمام مسلم في الصحيح من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا ، روى عَنْ جُوَيْرِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ ، فَقَالَ : مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ، قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ .
أما الحديث الخامس ، فهو ما رواه جَابِرُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ . أخرجه أبو داود بسند صحيح .
أما الحديث السادس ، فهو ما رواه البخاري في الصحيح من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ .
أما الحديث السابع ، فهو ما روته أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ : مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ . خرجه الإمام مسلم في الصحيح .
أما الحديث الثامن ، فهو ما خرجه الإمام البخاري في الصحيح من حديث أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ : أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ ، قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا ، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا ، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا ، يُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
أما الحديث التاسع ، فهو ما خرجه الشيخان من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ ، كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ ، إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي .
أما الحديث العاشر ، فهو ما رواه معاذ ابن جبل رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ يظلهم الله فِي ظِلِّ عرشه يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ . رواه أحمد وصححه ابن حبان والحاكم .
فاللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفؤا أحد . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين . اللهم آمنا في دورنا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين . اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل . اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ، برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، وتوفنا وأنت راض عنا غير غضبان . اللهم انصرنا على القوم الكافرين . رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا ، وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولوالدين وللمؤمنين يوم يقوم الحساب . رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ . اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين
l,q,u: hujrh] Hig hgYdlhk td hsj,hx hgvplk (hgo'fm hgehkdm)