[justify]
نقش على حجر
في يوم من أيام الصيف الحارة , خرجت بعد أن شارفت الشمس على المغيب , و اضطجعتْ في طرف السماء وتهيئتْ لتلتحف بغطاء الأفق , لتغط في نوم عميق بعد أن تستودع الله أرضنا و سمائنا .
فسارعتُ الخطى قبل مغيبها , و تخالطت علي المشاعر نحوها , فهي التي آذت مقلة عيني بضوئها الساطع , و أحرقت وجهي بسمومها الحارقة , ولكني لا استغني عنها , فما خروجي و تنزهي إن هي لم تكن من رفيقتي ؟ , فنحن ثلاثة لا نحتاج رفقة رابع , أنا و الشمس وهواجسي .
***
وبينما كنت في الحال الموصوفة , إذ ظهر أمامي جلمود عظيم , عليه نقش قديم , قد باد بعضه بحيث لا يقرأ , و ما بقي منه خافٍ يصعب فك رسمه , وكأن الصخر خجلٌ من أن يبدي وسم وجهه , أو خشي أن يعلم مَن صحْبُه.
***
رأيت في خطه اسماً لا أعرفه , و تاريخاً لم أدركه , و بيتاً لم أقرأه قط , فأصابني مما رأيت حزن وشفقة , لعلمي بأن زمن فرحة صاحب النقش وانبساطه عقبه موت محتم , فمن كان حياً في ذاك التاريخ يبعد أن يكون حياً يوم الناس هذا , إلا أن يكون قد سلّمه الله ونسأ له في عمره .
***
وتأملت الصخر , فوجدته شيخاً طغى عليه الصمت , لا لعلة مخرسة , وإنما ليأسه من إيجاد صاحب هذه الأمانة التي أودعها صفحته . فقد كان الصخر فيما مضى يستبشر بهطول المطر , وظهور الخضرة , إذ ذاك موعد لقائهم الأول , ولكنه لم يكن يراه في جملة الزوار , فإن سألهم عنه لم يجبه أحد , فالناس لا تفقه منطق الصخر .
رأيت الحجارة حوله مشفقة عليه , متصدعة من بأس ما تجد عليه من الوجد و الأسى , وهو جدير بذلك كله و أكثر , فمن أوجب على الصخر و الجبال حفظ الأمانة , وقد اُعفيتْ من قبل ؟
--
[/justify]
kraR ugn p[v