بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة ثمينة لأمير جماعة التبليغ
لوزيرة الصحة الهندية
موضوعها: تحديد النسل بقوانين ملزمة لتتناسب مع الإنتاج الغذائي تعمد كثير من الدول لهذه الفكرة بعد التمهيد لها وتقوم ببرامج عديدة للحد من النسل ، والبعض منها تحاول سن قوانين ملزمة في ذلك اما تشجيعا او حرمانا لمن زاد على المحدد ، لا صلة لرغبة الزوجين في ذلك ،
وانتقلت الفكرة عن طريق المنظمات الدولية للمجتمع المسلم ، بدوافع لا تخلو من خبث ودهاء ، خاصة إن تقدم الأمر لا لمجرد تنظيم الإنجاب باتفاق الزوجين ، بل تجاوز الحد الى محاولة استصدار قوانين نافذة بتحديد النسل ، بدوافع نقص الغذاء وعدم كفايته للمواليد الجدد ولتزايد السكان المتوقع والانفجار السكاني كما يقولون.
وعلماء الإسلام بين معارض للفكرة بحزم ، والبعض معارض سن القوانين في ذلك فقط، وبين متساهل في الأمر ومتوقف عن الخوض فيه والبعض داعيا لها بشده لأنها من ضروريات العصر.
تحديد النسل من وجهه نظر أحد كبار مشايخ التبليغ
بتاريخ 10 رجب 1386هـ الموافق 25/ اكتوبر 1966م ، وصلت رسالة من وزيرة الصحة الهندية في ذلك الوقت لامير جماعة التبليغ الشيخ الفاضل (محمد إنعام الحسن ، رحمه الله ) وهو الأمير الجماعة بعد وفاة الشيخ يوسف الكاندهلوي عام 1965م ،
مضمون رسالة وزيرة الصحة الهندية
أبدت الوزيرة في رسالتها الخوف والقلق من زيادة سكان الهند وعدم كفاية المحاصيل الغذائية للزيادة في السكان، وان الحل عندها وعند حكومتها تحديد النسل وهابت بأمير الجماعة أن يبدي رأيه في الموضوع ، كي يستجيب المسلمون للفكرة أسوة بغيرهم من أديان سكان الهند ، وكل ذلك لاستكمال البرامج والقوانين في ذلك.
فكيف كان رد أمير جماعة التبليغ على خطاب الوزيرة ؟؟
وما هو الحل في نظره لحل هذه المشكلة المستعصية على الحكومة؟
وهو العالم الكبير والداعية المعروف ، ويدير شئون جماعة التبليغ التي تعد بالملايين في الهند، وله احترام وتقدير بين المسلمين وبين غيرهم .
مع إن الوزيرة غير مسلمة فكيف كان رده ؟.
اسرد لكم الرد بتصرف يسير ، مع تنسيق الرسالة في نقاط مرقمة ليسهل استيعابها والتدقيق في المعاني والأفكار التي حوتها رسالته.
نص رسالة الرد من الشيخ إنعام الحسن
بتاريخ 3/ نوفمبر 1966م ،
صاحبة المعالي الوزيرة الموقرة ،،،
· وصلت إلينا رسالتك ، ذكرني فيها خوفك على ازدياد سكان الهند وكتبتي فيها بعض الاقتراحات لحل هذه المسالة .
· ولكن المسألة ليست هي فحسب، بل لابد من أن ندرس القضية بدقة وإمعان ،
1. فولادة الإنسان في هذا العام وكل عام ، هو أمر قد تقرر فما قدره الله عز وجل أن يأتي من البشر فلابد أن يأتي ذلك المقدار منهم.
2. ومهم بذلنا من جهد وطاقة في تقليل هذه الكمية لا نجاح لنا في ذلك أبدا، بل نوقع على أنفسنا ثقلا وحملا مزيدا وتكلفة لا فائدة من وراء ذلك. هذا من ناحية .
3. ومن ناحية أخرى والصورة الثانية ، هدفكم هو أن يكفي إنتاج الحبوب والغلة المزروعة للمواليد الجدد من بني الإنسان، وهذا لا ضمان لكم فيه فقد لا تجود الأرض بالحبوب والغلات التي كانت تنتجه من قبل، إما لقلة الأمطار أو لكثرة السيول والفيضانات التي تتلف المحاصيل الزراعية أو الآفات التي تفسد النبات.
4. فإذا كان هدفكم تقليل ( الآكلين) للطعام مستقبلا فكيف بمن ولدوا وهم إحياء في هذا الوقت؟ لقلة المحاصيل الزراعية لقلة الأمطار أو لكثرة السيول الجارفة للمحاصيل.
5. لأجل ذلك فالحل الوحيد لهذه المسألة، هو أن يختار الإنسان البساطة في حياته المعيشية ، وتجنب البذخ في ذلك.
6. فالإنسان إذا قضى حياته بالبساطة في المعيشة واختارها، صيانة له من الحياة المترفة المنحرفة هذا من جانب.
7. ومن جانب آخر ينشأ في الإنسان الذي اختار حياة البساطة في المعيشة ، علو الهمة والسلوك الإنساني مع الآخرين،
8. وبترك البساطة في المعيشة ، وباختيار حياه الترف والتنعم والنعيم ، يتصف وينشا فيه الصفات الحيوانية البهيمية ، وان عاش المجتمع في الحياة الحيوانية البهيمية فلا فلاح للإنسان في الحياة الحيوانية أبدا، فينشا في هذا الإنسان جميع الصفات البهيمية ومنها فقدان العطف والحنان على الآخرين، وعدم مواساة الآخرين ، والنفعية والتوحش ، فتنتفي فيه عاطفة نفع الغير، وهنا تبتلى الإنسانية بالمصائب والمشاكل العديدة.
9. والحل الوحيد والاحتراز من ذلك هو أن يسعى الإنسان لينال مقام الإنسانية الرفيعة ، بالاشتغال بالسلوك العالي وجعله مجالا لسعيه ، وعند وجود ذلك تظهر البركة من عند الله عز وجل في المنتجات الزراعية وغيرها.
10. وإن لم نقم بذلك السعي ، ولم تظهر في المجتمع صورة الحياة الإنسانية ، تذهب جميع مساعينا وجهودنا سدا وما هي إلا عبثا، ليس في هذه المسألة فحسب ( مسالة تحديد النسل لقلة الغذاء) بل لجميع المسائل التي تعتري المجتمع الإنساني كونه إنسان.
11. فالإنسان مركب من شيئين أحدهما الجسم والثاني هو الروح والأصل الروح ، فلو كان الجسم صحيحا سليما معافى في الجسد ولم تكن فيه روح فالجسم فاسد لا يرجى منه فائدة، والمسألة الغذائية إنما تتعلق بالجسم والروح غذاؤها هو السلوك الإنساني.
12. فإذا كان الإنسان قويا من ناحية روحه لا يضره قلة غذاء جسمه كثيرا.
13. وبالمقابل إذا كان الجسم قويا سمينا وكانت روحه ميتة، لا يمكن له أن يتحصل على الراحة والسكون والطمأنينة أبدا في حياته.
14. إذن فالمسألة الأصلية التي حل لجميع المسائل هي مسالة الغذاء الروحي مما يحتاج إليه كل إنسان في هذا العصر.
15. والدرجة الأولى في هذه المسالة هي معرفة الخالق المالك ، والسعي لجعل السلوك موافقا لمرضاته.
16. فإذا نجحنا في إرضاء الله عز وجل، فهو أيضا يحل جميع مسائلنا ومشكلاتنا بعد ما يرضى علينا.
العبد محمد إنعام الحسن غفر الله له
3/ نوفمبر 1966م
ملاحظات على الرسالة
1. تدرج الشيخ في بيان اصل المشكلة وليست هي فحسب بل مشاكل تعصف بالمجتمعات، حتى وصل لأن يدعوها لبذل الجهد على جوهر الإنسان وسلوكه ليرضي ربه عز وجل ، ويدعوها للإسلام بطريقة غير مباشرة ويوصلها لهذه النقطة التي لابد منها لحل كل المشاكل.
2. تمنيت لو أطلع رجال الفكر والسياسة على هذه الرسالة المحررة قبل 44 عام ، ففي سبتمبر 1994، استضافت القاهرة أكبر مؤتمر يتم انعقاده على المستويين الحكومي والدولي تحت عنوان براق حول السكان والتنمية وأساسه تحديد نسل المسلمين ، بحضور 11,000 مشارك يمثلون الحكومات، والمنظمات والوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام. وقد شارك في المفاوضات أكثر من 180 دولة لوضع اللمسات الأخيرة لبرنامج عمل المؤتمر في مجال السكان والتنمية على مدى العشرين سنة المقبلة . وإن تلك النفقات ذهبت أدراج الرياح كما توقع لها الشيخ إنعام ، لم ترى منها الدول الفقيرة خيرا،، ووقف الأزهر الشريف في تحديد النسل بالقوانين سدا منيعا.
3. صدق الشيخ علو الهمة تأتي من حياة البساطة .
4. تدابير الحكومات كلها تنصب على الجسد ونسوا التدابير نحو الروح التي هي من أمر ربي.
5. يريدون تقليل ( الأكلة ) على الموائد بتحديد النسل ونسوا ، إن طعامهم هم أنفسهم من خزائن الله قابل للنقص في كل وقت.
6. نسوا إن الغيث السيول النافعة والضارة من عنده من عند الله ، مرتبطة بسلوك الإنسان.
7. الأجمل صياغة الشيخ لعبارات رائعة يخاطب وزيرة غير مسلمة ، ويوصلها للأمر الواقع الواجب إتباعه.
8. رحم الله الشيخ إنعام الحسن والميراث العظيم الذي خلفه لمن بعده.
9. أرادت الوزيرة لفت نظر الشيخ لأمر هام فلفت نظرها لما هو أهم لحل جميع المشاكل وليس مشكلة واحدة فحسب.
10. أي دولة تنفق أمولا طائلة لتحديد النسل ، بعد فترة تخرج الدراسات لو إنها أنفقت تلك الأموال على أطفال دولتها لكفتهم ووفرت على نفسها مشكلات جانبية من وراء تحديد النسل لا داعي لذكر تلك الدراسات الميدانية التي تبين سلبيات التحديد وتكلفة علاج ذلك.
11. صدق من قال ( تحديد النسل ام تحديد العقول؟)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
jp]d] hgksg lk hpg hgy`hx uk] [lhum hgjfgdy