السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
ارتأيت إرسال الاستشارة بعد معاناة كبيرة مع هذا المرض الذي أصبح يقض مضجعي، حيث ينتابني هذا السهو وما يصاحبه من شرود في عالم الخيال في صلاتي ما يفسد خشوعي، كما يأتيني أيضاً في المحاضرات في الجامعة رغم محاولتي
التركيز مع الأستاذ، إلا أني أجد نفسي مرة أخرى -وبدون أن أشعر- أسبح في عالم آخر، كما يصاحب هذا النسيان الشديد، حيث أنسى أحياناً وصايا مهمة من والدي، إضافة إلى عدم قدرتي على المذاكرة بشكل جيد، وهو ما كلفني إعادة السنة الجامعية بعدما كنت في الماضي من المتفوقين.
علماً بأني قد أقلعت عن العادة السرية -ولله الحمد والمنة- منذ حوالي ثلاثة أشهر، وأظنها السبب، فهل من علاج؟!
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن من أهم أسباب شرود الذهن وضعف التركيز وتشتت الأفكار وتطايرها وعدم القدرة على المتابعة والتركيز على موضوع معين هو القلق النفسي، أو وجود ما يسمى بأحلام يقظة تكون بصورة أكبر من المعدل، وهذه أيضاً تكون مرتبطة بوجود القلق النفسي.
أنا سعيد جدّاً أن أسمع أنك قد أقلعت عن العادة السرية؛ لأن هذه العادة السيئة لها مضار كثيرة معلومة ومثبتة، ومنها الإصابة بالقلق، وضعف التركيز، والانطواء والانزواء والعزلة الاجتماعية، وضعف التواصل الاجتماعي، وكذلك الشعور بالذنب وعدم تطوير الشخصية مهارياً واجتماعياً كما هو مطلوب، والذي أراه في حالتك هو:
1- من الضروري أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة خاصة رياضة المشي أو الجري، فهي تزيل القلق -إن شاء الله- وتقضي على كل الطاقات النفسية السلبية، ومن ثم يتحسن التركيز، وذلك من خلال تحسن الدورة الدموية في المخ، ومن إفرازات كيمائية معينة، وتحسن عمليات الاستقلاب في أنظمة – أو إنزيمات - الجسم المختلفة.
2- أن تأخذ قسطاً كافياً من الراحة، وهذا يكون من خلال التنظيم الجيد للوقت.
3- تخير أوقاتا معينة للتحصيل والمذاكرة، مثل الوقت بعد صلاة الفجر، وكذلك الوقت بعد الاستيقاظ.
4- الإكثار من الاستغفار ومن الذكر والدعاء؛ لأن هذه مفاتيح أساسية لأن تجعل الإنسان يتذكر، والإنسان يجب أن يذكر ربه إذا نسي، قال تعالى: ((وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ))[الكهف:24].
5- عليك بالاستفادة من كل الحواس في عملية استقبال المعلومات، فمثلاً إذا أردت أن تستذكر شيئاً معيناً فقل لنفسك: (أنا لن أركز إلا على هذا الأمر)، واستفد من الذاكرة البصرية، وذلك بأن تنظر وأن تحاول أن تسمع، وأن تحس؛ لأن كل هذه الوسائل الحسية حين تُستعمل مع بعضها البعض من أجل استقبال المعلومات، هذا يجعل الإنسان أكثر قدرة على التركيز وعلى التذكر، وعليك أن تكرر بعض الموضوعات المهمة لكي تتذكرها فيما بعد.
6- يمكنك أن تقوم بتمارين ذهنية بسيطة تعتمد على الروابط، ونقصد بالروابط الأحداث المعينة حاول أن تربطها بمواقف أو أحداث أخرى معينة؛ لأن تذكر الشيء يذكرك بشيء آخر.
7- قم بكتابة ثلاثة مواضيع على ورقة، أقصد بذلك فقط أن تكتب عنوان هذه المواضيع، مثلا: أريدُ أن أذهب إلى السوق اليوم، ثانياً: سوف أقرأ سورة الكهف، ثالثاً: سوف أنام لمدة ساعتين، ومن ثم قم بالاطلاع على المواضيع الثلاثة، ثم بعد ذلك قل لنفسك: (سوف أقوم بتنفيذ واحد من هذه الثلاثة فقط منها مثلاً قراءة سورة الكهف اليوم) وهكذا.
المقصود هو: أن تعطي نفسك خيارا بين عدة مهام، وفي نفس الوقت تقوم بتخير واحد منها فقط، وهذا يحسن كثيراً من التركيز.
8- تناول الشاي والقهوة بكميات معقولة يحسن أيضاً من التركيز.
9- ممارسة تمارين الاسترخاء، وهذه تمارين بسيطة جدّاً، منها تمارين التنفس وتمارين العضلات، حاول أن تطبقها وذلك بعد أن تتحصل على كتيب أو شريط يوضح كيفية القيام بهذه التمارين، حيث إنها مفيدة جدّاً لتحسين التركيز.
وأخيراً: بما أن ضعف التركيز كثيراً ما يكون مرتبطاً بعسر المزاج والقلق، فسيكون من الجيد أن نصف لك دواء يفيد في مثل هذه الحالات، ومن أفضل هذه الأدوية دواء يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، فأرجو أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، يفضل تناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة خمسة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، والدواء ليس إدمانياً وليس تعودياً، وهو مفيد جدّاً.
نسأل الله أن تكون أكثر خشوعاً في صلاتك، وعليك بالطبع بالتركيز، وتدبر الصلاة وحركاتها، وكذلك تلاوة القرآن، ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على
علاج كثرة النسيان سلوكياً في الاستشارات التالية: (269001 - 269270)، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.
ugh[ qut hgjv;d.