جمعني مع بعض الأخوة اليوم صباحا لقاء مقتضب , سألني خلاله قائلا : ألم تقرأ مقال ابن عمك اليوم في جريدة الوطن ؟ فقلت : خالد الغنامي ؟ قال : نعم , ثم أردف قائلا : يا أخي كفو " .... " وهو يضحك .
ثم أعطاني بعض محاور كلامه .
فرجعت للموقع الوطن لا الجريدة
( لأني أشعر حينما أمسك الجريدة أحس بأن صفحاتها مما طبع في السفارات – هذا شعور ربما يصيب وربما يخطأ ) .
دخلت الموقع بعدما أستعذت بالله وتحصنت بذكره , فوجدت المقال المذكور وهو بعنوان " عظماء عرفوا السر "
بدأ مقالته كعادة من كبّرهم الإعلام بكلام أشبه بالطلاسم , فقال إن الإنسان مصمم مصيره ومؤلف نونته وكاتب قصته ورسائل الكون وإشعاع الذات , ثم حذّر الإنسان من نفسه !!!
وكأني بالليبراليين يتمايلون طربا من هذه المقطوعة الأدبية الساحرة كتمايل الصوفية كما حكى الشعراني عن شيوخه فقال
" ومنهم الشيخ إبراهيم العريان، كان يطلع المنبر ، ويخطبهم عرياناً ، فيقول : السلطان ، ودمياط ، وباب اللوق ، بين الصورين ، وجامع طولون ، الحمد لله رب العالمين ، فيحصل للناس بسط عظيم ".
فإن قال لي أحدٌ ما الرابط بين مقدمة الغنامي وبين كلام العريان قلت : كلها بلا معنى !!!
بل وصل به عقله أن قال بأن قانون الجاذبية الآدمية أمر مشاهد فكثير من الناس تمتلئ نفوسهم بالإيمان بأن ( الطيارة ) لن تقلع إلا بهم وأن الصفقة ستتم وأن الربح سيحصل فيحصل هذا له !!!
فلا يقل لي أحدٌ بأن هذا الكلام ربما يقوله عاقل !!
ثم رجع بمقاله " لمربط الفرس " وهو مدح المفكرين الغربيين ومؤلفة كتاب " السر " وبعض علماء الغرب ....
وهذا كله لا يهمنا بشيء فالمقصد كله حشو القائمة والتخلص من تبعة الكتابة ولمطالبة رئيس التحرير بحشوها .
لكن عندما تعرض لذكر النبي صلى الله عليه وسلم وجب هنا التمحيص والتدقيق والتحرّص والتثبت .
فنسب للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحبب في النزوع إلى الحياة !!!
ولا أدري ما يقصد في قوله النزوع إلى الحياة ؟
فإن كان يقصد الرغبة والتشبث بها فقد كذب وأيم الله , ولا يخفى على أطفال المسلمين فضلا عن كبارهم أن الله عز وجل عرض على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به أن يكون عبدا رسولا , أو يكون ملكا رسولا ؟ فأختار أن يكون عبداً رسولا .
وإن كان يقصد أنه حرّص وحبب لأصحابه أمر الدنيا وزينتها فقد كذب وأيم الله , فهو القائل بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم لابن عمر – رضي الله عنهما " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " .
ثم ذكر الكاتب خالد الغنامي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أختصره وهذا أصله : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) دخل على أعرابي يعوده ، قال : وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا دخل على مريض يعوده ، قال : " لا بأس طهور إن شاء الله " فقال له : لا بأس طهور إن شاء الله " قال الأعرابي : قلت طهور ؟ كلا ، بل هو حمى تفور ، أو تثور ، على شيخ كبير تزيره القبور ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " فنعم إذا ".
قال الساعاتي – رحمه الله - قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " فنعم إذا " معناه أنه سيموت بسببها ولهذا تركه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يجد عنده صبرا .
ثم علق هذا الجاهل ( الغنامي ) بقوله " قال بعض شّـّراح الحديث إن الرجل دعا على نفسه وأن النبي عليه السلام أمّن على دعائه فمات، وهذا الكلام غلط في غلط، هذا الرجل طبق قانون الجاذبية على نفسه، فجذب لها الموت ، أما النبي عليه الصلاة والسلام فكان يريد له الشفاء والعافية " !!!
فأنظر من المخطي ومن المخطـّي !!!
هل يريد هذا الجاهل أن نصدق هرطقته هو وصاحبة كتاب ( السر ) ونكذب أقوال الأئمة الأعلام هزلت ورب محمد .
تصـدر ( للإعلام ) كل مهوس ,,, بليد تسمى بالفقيه المدرس ِ
فحـق لأهل العلم أن يتمثلوا ,,, ببيتٍ قديم شاع في كل مجلسِ
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ,,, كلاها وحتى رامها كل مفلسِ
ومقاله هذا والذي قبله يدور رحى قطبه بأن الإنسان هو من يختار لنفسه طريق الخير والشر ومآل ذلك وأن بيده أن يكون غنياً أو فقيراً وأن يكون سعيداً أو شقياً وكل هذا بالإيمان بقانون جاذبية الإنسان !!
وهذا يعتبر من " الفلسفة الوجودية الإلحادية " !!!
وإن كنت أظن أنه لا يعلم ما معنى هذه العبارة وإن كان على أقل تقدر فيما بدا لي من عقلية الرجل .
قال الله تعالى " لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ "
فأثبت سبحانه للناس مشيئة وأثبت سبحانه لنفسه مشيئة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " أعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له "
فلم يقل صلى الله عليه وسلم أتركوا العمل وأتكلوا ولم ينفي القدر .
قال الأول وكأنه يصف حال الكاتب خالد الغنامي
ليس احتيال ولا عقل ولا أدب ... يجدي عليك إذا لم يسعد القدر
ولا توان ولا عجز يضر إذا ... جاء القضاء بما فيه له الخير
ما قدر الله لا يعييك مطلبه ... والسعي في نيل ما لم يقضه عسر
وجاء في إعتقاد أهل السنة والجماعة بأن القول بالجبرالمطلق والإختيار المطلق باطل .
ولو أني أعلم أن هذه المسألة أكبر من عقله ( حبتين ) لكني ذكرتها هنا من باب الفائدة أو على قولتهم ( نوّرنا ) .
أسأل الله أن يعافينا من مضلات الأهواء والفتن
وأسأله سبحانه أن يهديني وخالد الغنامي وجميع المسلمين لصراطه المستقيم .