وقفة اعتبار
لطالما عقدنا المجالس وتبادلنا اطراف الحديث وتخللت جلساتنا بعض القصص عن شخصيات من التاريخ واخرى عرفهم اجدادنا وحدثونا عنهم وعن الزمن الجميل
واحيانا نخوض في احاديث مختلفة وقضايا وزوايا نعايشها في حياتنا
لكن لا يخلو اي مجلس من اشخاص لديهم رؤيا مختلفة لامر ما واحيانا تنتهي الجلسات على وفاق واحيان اخرى يمضي كل فرد منها وهو يحمل رأيه كعمامة على رأسه ولا يقنع ابدا
وفي احد هذه المجالس كان الحديث عن تقبل المرء لما يصيبه من ضر او خير
فقد تفوه البعض ورددوا ما يسمعون هنا وهناك دون تفكر او وعي
وقد تختلط عليهم الفلسفات الاخرى من البلاد الاخرى ويتخذونها ويستحضرونها كمثل اعلى وكلام لا تشوبه شائبة
ولا ادري ان كان علينا تحليل الامور وملئ الصفحات بكلمات مقنعة تؤكد ان الانسان مهما كان فطنا ومبصرا الا انه لا يعلم ما الخير وما الشر مما يصيبه من فرح او حزن
وكم بودي لو اننا نطرق كل باب مسلم ونعرض له الآية الكريمة التي تقول
قال الله تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]}.
انه لامر مسلم به ولا جدال فيه ... فمن يملك الضر والنفع غير خالق الكون العليم به الخبير ؟!
فلكم فرحت ايها الانسان لبلوغك غاية من مطامع هذه الدنيا واسرفت في فرحك و سبقتك الاماني واذ بك بين ساعة واخرى ينقلب عليك فرحك حزنا
و ما الحزن الا داء يصيب النفس فيلحق الضرر بها ويمتد هذا الضر احيانا فيسبب العياء للجسد
ولكم خشيت امرا وتوجست منه وكدت تحسب في شأنه نهاية امرك وضياع ما بعد ضياع فتأتيك الايام ببواطن خير ما اصابك من محنة
الا تثق ايها الانسان المؤمن فيما اختار الله لك ؟
الا تدرك ايها المؤمن ان هذه الدنيا ليست بدارك ؟
اوليست كانت وصية نبيك هي الحمد والشكر على كل ما يصيبك ؟
فانت لا تدري ايها المؤمن ما الخير والشر الذي تحمله لك الايام في مشوار حياتك
فما كانت تشير اليه الاية الكريمة هي بيان واجلال الى قدرة الله عز وجل وعلمه وبيانه
وهي محكومة بارادة الله سبحانه وتعالى وحكمه وتقديره للامور وليس للانسان اي سلطان على احداث الاقدار
ومن المحال ان يكشف ما وراء الغيب ليعرف ما يضره او ينفعه اثر اي امر ما
فالله يرى الخير للناس من حيث لا يرون ولا يدركون
ولنا في قصة سيدنا موسى مع الخضر عليهما السلام الدليل الاعظم على ما اشرنا اليه
من خرق سيدنا الخضر للسفينة و قتل الغلام واقامة الجدار وكيف استكبر سيدنا موسى الامر واستعظمه وانكره
لانه فوق استطاعة اي امرئ ان يحتمل الامر ما لم يكن على علم به كما قال سيدنا الخضر بأنه لم يفعل ذلك الا تلبية لمشيئة الله وما هو الا عبد مأمور والله هو العليم الخبير
لنحمد الله رب العالمين على ما اتانا من نعمة الاسلام وفتح علينا ابواب الرحمة من حيث لا نحتسب
وصلى الله وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
,rti