بسم الله الرحمن الرحيم
عفوًا..ابتسم فأنت في مواجهة مشكلة!!
وقع حصان أحد المزارعين في بئر عميقة واستمر فيها لعدة ساعات، كان المزارع خلالها يفكر كيف سيستعيد الحصان..ولم يستغرق الأمر طويلاً بعدما ألهمه تفكيره بأن الحصان قد أصبح عجوزا وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها..واتخذ قراراه بردم البئر كي يحل مشكلتين في آن واحد، التخلص من البئر الجاف ودفن الحصان، وبدأ في جمع الأتربة وإلقائها في البئر.
أدرك الحصان حينها حقيقة ما يجري فأخذ في الصهيل بصوت عال شاكيًا ما يحدث له، وبعد قليل انقطع صوته، ونظر المزارع إلى داخل البئر فوجد الحصان مشغولاً بهز ظهره، كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها على الأرض ويرتفع هو بمقدار ما يلقى واستمر الحال، وبعد الفترة اللازمة لملء البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض حيث قفز قفزة واحدة وصل بها إلى الأرض.
كثير منا قد لا يصنع مثل صنيع حصان هذه القصة الرمزية..يجد نفسه في مشكلة فيستسلم لها، أو قد يلجأ إلى الهروب منها، تارة بالشكوى مما آلت إليه أحواله .. وأخرى بالبكاء والصراخ معزيًا به نفسه .. أو قد ينعزل عن المحيط الاجتماعي ظنًا منه أن السلامة وطلب النجاة في اعتزال الناس .. وقد يتراكم الأمر عند البعض فيجد الخلاص في مفارقة الحياة فيقدم على خطوة الانتحار هربًا من واقعه الأليم.
وهذه النماذج والطرق في مواجهة الأزمات التي نصطدم بها كثيرًا وغيرها لا يمكن أن تكون شافعًا لحل مشاكل الفرد التي ربما تزداد تراكمًا ولا تنفك منها عقدة واحدة بالبكاء .. كما لن يعرف الحل له بابًا متى اضطر فقط إلى الشكوى ولم يكن إيجابيًا في التصدي لمشاكله ومحاولة حلها.
وفي خطوات محددة نقترح خريطة يمكن من خلالها، لا نقول حل المشاكل التي يتعرض لها المرء، وهي باقية بقاءه في الحياة ولا تنفك عنه أبدًا، ولكن نقول خريطة يمكن من خلالها معالجة أزماته ومحاولة التصدي لها بصورة علمية ..
1ـ ضع المشكلة في إطارها ولا ترى الدنيا من خلالها:
المرء منا قد يصاب باليأس حينـًا حينما تقابله مشكلة تلو أخرى، ويظن أن المشاكل لا تعرف طريقـًا إلا إليه، ولا تطرق بابًا إلا هو ساكنه، ومن ثم ينظر لحياته كلها من خلال هذه المشاكل وفقط ويجدها قاتمة ويغفل عن كثير من الأنشطة الإيجابية والجوانب السعيدة في حياته.
وخطورة هذه النظرة إلى الحياة أنها توقع صاحبها في أزمة نفسية قد تحتاج بذاتها إلى علاج كي يخرج منها، سليمًا معافىً ..
2ـ أحسن استقبال المشاكل تسلم:
يذهب أحدنا إلى عمله صباحًا وقد اعتاد على أداء روتيني معين .. فالسيارة لابد وأن تعمل وتسرع به إلى حيث مقر عمله في الصباح .. يدخل حجرة العمل فيجدها نظيفة مرتبة .. يشعل مصباح الكهرباء فيضيء .. يضغط زر الكمبيوتر فيعمل .. يسترخي على مقعده الوثير فيرتاح .. يطلب من العامل قدحًا من الشاي فيأتيه مسرعًا ملبيًا.
هكذا يريد بعضنا أن تسير أوضاعه العملية والمهنية، وعلى شاكلتها تكون حياته الخاصة والعائلية، حتى إذا وقعت مشكلة أو أزمة وقع معها في إحباط نفسي معوق، يمكن أن ينجو منه بتحسن تقبل المشاكل والأزمات، لا نقول تشاؤمًا، ولكن يضع في ذهنه أن العربة قد تسير في الصباح أو لا.. والكمبيوتر قد يعمل أو لا.. وهكذا إذا وقعت المشكلة قل عبؤها النفسي على المرء.
ويشير الدكتور إبراهيم الفقي في محاضرة عن التنمية البشرية إلى أن الإنسان في مواجهة أي شيء له احتمالات متعددة لابد وأن يهيئ نفسه للتعامل مع هذه الاحتمالات كلها ما دامت إمكانية وقوعها ممكنة حتى ولو نادرة.
ولعلنا نفهم هنا مغزى الحكمة الموقوفة على علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أحبب حبيبك هونـًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونـًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما".
3ـ لا تبحث عن إبرة مفقودة في الظلام في الجزء المضيء:
قد يحسن البعض استقبال مشاكله ولا يحسن فهمها .. مثلاً قد يزيد التشاجر والتشاحن مع زوجته ويرجع مشاكله معها إلى طبيعتها العصبية أو عدم تفهمها لطبيعته ميوله ومزاجه العام، ولكنه يغفل ما يبدو منه تجاهها من تجاهل وعدم تقدير لمشاعرها...وبالتالي يبحث عن الحل لعلاج زوجته بينما هو من يحتاج إلى العلاج أولاً .. فمنه بدأت المشكلة وإليه تعود.
4ـ ابتسم فأنت في مواجهة مشكلة:
التفاؤل بالقدرة على حل المشكلة هو الخطوة الأولى نحو الحل .. واليأس والعجز هو الطريق المختصر للهروب منه، فحين نقرر حتى ولو على المستوى النفسي أن ما نواجهه مستحيلاً وعصيًا على الحل يصبح من الصعب تخطي المشكلة، لذا علينا أن نقضي أولاً على الذات المتساهلة التي تستصعب كل مشكلة وتراها غير قابلة للحل حتى قبل أن تفكر فيها ولو لبرهة واحدة.
مشاكلنا إذن قد نستطيع أن نهزمها بابتسامة الثقة والنظرة المتفائلة ولعلك تتأمل معي هذا التوجيه: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} (يوسف:87)، يقول الطبري في جامع البيان في تأويل القرآن: "ولا تقنطوا من أن يروِّح الله عنا ما نحن فيه من الحزن على يوسف وأخيه بفرَجٍ من عنده".
5ـ استعر عقول الرجال وقلوبهم:
لا تترك نفسك فريسة المشكلة أو الأزمة التي تمر بها، ولكن من حسن التعاطي معها أن تعرضها وتناقشها مع من تثق فيه من أهل العلم والرأي الذين تظن أنهم يحسنون صنعًا، وهم كذلك على دراية بك من نواحي شتى، خاصة ما يتعلق منها بالمشكلة.
ولا تتكبر على الاستشارة فربما يكون مفتاحها وهبه الله إلى غيرك،
6ـ أنت قاضيا على نفسك:
كتب أبو بكرة نفيع بن الحارث إلى ابنه، وكان بسجستان، بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)).
وهذه القاعدة الذهبية أولى بها ذلك الذي يختار لنفسه حلاً لمشكلته .. فقد يذهب في ثورة الغضب إلى خيار يوقعه في حبال عشرات من المشاكل والعثرات الأخرى، بيد أنه لو تمهل واختار التوقيت المهيأ والمناسب لنجا بنفسه.
فحين يكون المزاج جيدًا، والأوضاع النفسية طيبة تشعر بأن أكبر مشكلاتك يسيرة قريبة الحل .. فاختر لنفسك الوقت الذي تحكم فيه على نفسك.
7ـ أشعل الإشارة الحمراء ولا تدع المشكلة تمر:
كخطوة عملية أخيرة في خريطة مواجهة مشاكلنا الحياتية واليومية، نرى أنه لابد من المبادرة بوضع إطار زمني للحل بحيث لا تتداعي ويطول مكثها وبقاؤها فتضيف آثار سلبية على نواحي أخرى.
فقد تعاني من مشكلة في الأسنان وتخشى الذهاب إلى الطبيب نتيجة تجارب مؤلمة سابقة، فتهمل حل المشكلة ويكون لها تداعياتها الأخرى على حالتك الصحية بالعموم ..
وغير ذلك من مشاكلك المهنية مثلاً والتي قد تعود إلى بطء حركتك في تنمية مواهبك، أو تأخرك في الحصول على شهادات علمية تعزز تقدمك الوظيفي..فتحتاج هذه منك أن تضع حالاً برنامجًا زمنيًا مقبولاً لإنجازها.
وأخيرًا اتمنى لكم حياه خالية من المشاكل قريبة من طاعة الرب عز وجل
وصلى الله على نبينا محمد ..........
hfjsl tHkj td l,h[im la;gm