هذا الموضوع اللي نزل قبل أيام في جريدة اليوم عن شعار قبيلة الغنانيم من الروقة من عتيبة ونقطة الضوء على شاعر عملاق هو:
مقحم بن دحيم الغنامي
شاعر كبير .. ولم يزل الشعر في الغنانيم من عتيبة مستمرا .. من وقت جويعد بن عسكر وملاحاته المشهور مع ابن جبرين حتى وقت سداح الغنامي عراب منتدى المرقاب والشاعر المعروف مرورا بشعراء كثر غيرهما .. يقال أن آلاد غنام ما أن تجالس أحدهم وتستحثه لرواية الشعر حتى تعلم أنه شاعر بالسليقة فعامتهم شعراء ومن من أذكر الراوية والشاعر تركي الغنامي وهو شاعر شاب مذهل ..
لذلك لا مراء أن يكون مقحم بن دحيم سائرا على درب آباءه وأجداده في قرض الشعر فهو ليس بدعة ولا يملك ذلك ... من خلال تتبع ما نشر للشعراء هذا الأسبوع فقد طالعتنا جريدة اليوم في ملحق في وهجير بقصيدة قمة في الروعة للشاعر مقحم الغنامي تجل كل ما سردته لكم آنفا إنما هو إحقاق لحقيقة معروفة مازالت تتكرس في هذا الفخذ من العرب .. الأبيات سنستعرضها وقد عنون لها الشاعر والصحفي سالم بن صليم بــ "طال صبري ثم انه قدم للقصيدة بمقدمة لها دلالات يقول فيها:
(مقحم ليس ممن اعتادوا على النشر.. وربما كانت هذه المرة الأولى التي تنشر له قصيدة .. مع العلم بأنها وصلت إلينا بواسطة طرف ثالث .. ومن القراءة الأولى لهذه القصيدة نستيقن أن هناك شعرا كبارا لم تر قصائدهم النور حتى هذه اللحظة في عصر ازدحام الساحة بالمطبوعات والبرامج الإعلامية..)
وهذا فيه إشارات:
من هذه الإشارات انه لم يكن الشاعر مقحم حريصا على تفيء ظلال أنوار الإعلام ربما لثقته بمحصوله الإبداعي وربما لتحفظه عن التعاطي على الإعلام الشعبي بواقعه الحالي وربما لسبب آخر وهو انه لا يعتبر الشعر رأس مال واحتراف بقدر هو هواية ينهمها متى ما هاض به الشجن وانطلق عقال القريض في عقله وروحه ...
والإشارة الأخرى أن الشاعر العلم مقحم الغنامي هو مثال للشعراء المبدعين الذين قصر الإعلام معهم كثيرا وهو بذلك يعرون القصور الكبير الذي يكتنف ساحة النشر الشعبية .. ليس من مهام مثل هؤلاء الشعراء الركض وراء وهج الإعلام بل أن يبحث عنهم ويقدموا لسبب وحيد أن الشعر ينحر من الوريد للوريد على أيادي المتشاعرين فيما لا يبذل أي جهد في استقطاب الأعلام أمثال مقحم الغنامي ... نعود للأبيات وسوف نقسم القصيدة لعدة أقسام ونعنون لكل قسم ونعلق على كل قسم:
الجزء الأول
الابتهال لاستمطار المطر لبعث الحيا ...وهذا ديدن لكثير من الشعراء يقول مقحم:
يا الله في نوٍّ من الوسم رعّاد
تحيا ربوع المملكه عقب نوّه
يحيي الفيافي عقب محصولها باد
العُود يابس والتراب متشوّه
لو ان مالي بوش من ضمن الاذواد
لكنّ لي مع سجّة البَر خوّه
ولاني بفلاح ٍ ولي بير وبلاد
ولـيا تردى الجَمّ تبغا عبوّه
لكنّ صبري طال يا شين مقعاد
بَرَك علينا القيظ والوسم توّه
صورة التراب امتشوه في البيت الثاني صورة جديدة .. التراب من دون ماء كوجه الإنسان المتشوه ... برك علينا القيظ والوسم توه ... وهو تعبير جميل يعبر عن الضجر والتململ من الصيف وفيه لهفة للقاء الربيع الطلق
الجزء الثاني
مدخل للمقارنة بين اللاش والطيب
والوقت بوّهني وانا بهت يا زياد
أشوف شيٍّ في زماني يبوّه
اللاش فاد وطيّب الراس ما فاد
يجمع ومخـلِيةٍ يديه المروّه
هنا بداية لمقارنه وهو يصل الذروة ببيت ذهبي في شطره الثاني " يجمع ومخـلِيةٍ يديه المروّه" وهذا من أجمل ما قيل في الكرم .. والمروة .. وتبرير منطقي أن الكريم لا يثري .. ولولا أن الكريم معان لما اغتنى كريم لكنها البركة
الجزء الثالث
وصف الطيـّب
يندّ وجهه كل ما جَوه الاجواد
أمّا حَيا ولاّ تسُوقه حموّه
وغدا معَ الايام في حرب وجهاد
ولا معه في بعض المسايل جروّه
وأزرى يوفـّي حق نفسه والاولاد
وحقوق ناس ٍ تلحقه بالعنوّه
يذكر ويَدرى سالفة كل نقاد
يخاف من شمّات والاّ معَوّه
الشطر الأول من البيت الأول " أمّا حَيا ولاّ تسُوقه حموّه" من أجمل ما قيل في تبرير محرض الكريم على الكرم.. الحيا من الإقلال والحيا من أن يكون شحيحا .. أو الحموّة للقريب فيزداد كرما ويندفع بذلا .. الكريم عليه حقوق كثيرة ومتطلبات هو يسعى لإتمامها ولو انه يكفيه العذر عن بعضها... لكنه كريم يقدم على البذل .. منها : يند وجهه – يستحي – حموي – غير جري على المسألة فهو دائما يعطي – يلحقه القل بانقاص حق نفسه بسبب بذله – وحق أولادة ومن يلحقه بالعنوة فهو واصل رحم .. يعتلي على اللوم ويتدرى عنه .. الخ... أسلوب الشاعر كرس كل هذه المعاني وسطرها بأجمل وصف
الجزء الرابع
وصف الردي
والاّ الردي يسبح على كبده الزاد
وفي باقي الاحوال ما له طروّه
لاهوب لا ناشد ولا عنـه نشاد
ودايم يلوّذ عن وجيه السموّه
ماله هو اللي حَط له جاه وشـداد
وعند المشفـّح في الدرجة العلوّه
وان زارهم تفرش له الأرض سجّاد
وهوه من أوّل ما ضرى بـ الحفوّه
صفات الردي واضحة .. وقد وضحها الشاعر لتكتمل الصورة أمام من يميز فيعلم أن طريق الطيب هو أجمل بالمرء وأطلق لوجهه وأفضل لأخرته .. والله يعين الطيب ويكثر له الرزق ويضيق على اللاش ..
الجزء الخامس
رسالة القصيدة والخاتمة
ينهي الشاعر القصيدة بطريقة واضحة وسلسة ويأتي دوره ليبين الهدف الأساس لكل هذه الأجزاء والمقدمات وهو أن من يقدم على الطيب فلن يندم ومن انحرف لدرب الشح فعليه الدعوة الدائمة بعدم النماء.. ويضمن الحكمة الأسمى " لا تـُؤخذ الأرزاق من باب قوّه" فالرازق هو الله وهو المعين..
ومن لا يحط المال في بنّ وقـناد
ويشبّ دايم للمناعير ضوّه
وييسر على المعسر ويبني للامجاد
وينفع صديقه قبل ينفع عدوّه
هذاك قل له جعل ماله للأنفاد
وعليه دعوه من عصور النبوّه
قلته وانا للرزق ماني بحسّاد
ولا تـُوخذ الأرزاق من باب قوّه
ختام جميل لقصيدة الكرم والمروة . وشاعر أجمل واكرم .. وخاتمة صاغتها يد الجمال ... الشاعر مقحم بن دحيم الغنامي شاعر ذهبي من عصر لم يعرف لكبار الشعراء حقوقهم ...
شكرا للجميع
hgahuv hgulghr td sdvm fsd'm [vd]m hgd,l