باليس (لاعق القدم)
د.مطلق سعود المطيري
باليس شيطان في الاساطير الفارسية، يهاجم أولئك الذين ينامون في الصحراء. وباليس يقتل ضحاياه بأن يلعق أخمص القدم إلى أن يمتص جميع الدماء الموجوده في جسم الضحية، وذات مرة وجد رجلان من راكبي الإبل طريقة لتفادي باليس وهجماته، فناما على الأرض واضعين قدم كل واحد في مواجهة قدم الآخر، ومغطاة بحيث لم يظهر منهما سوى الرأس، وجاء باليس، وأخذ يدور حولهما بحثا عن القدم فلم يجد سوى رأسين فحسب، وبعد أن يئس صرخ وهو يقول: "لقد جبت ألف واد وواد لكني لم أصادف أبدا رجلا برأسين".
بعد هذه القرون لم تختلف بلاد فارس (إيران) عن لاعق القدم، ولكننا نحن الذين اختلفنا عن ذكاء العربي القديم، فمازالت إيران تمارس دور لاعق القدم ومازلنا نحن ننطح الرأس بالرأس، ولا نفكر في وضع الأقدام متجاورة ولو في مسيرة عربية واحدة نواجه بها لاعق القدم، في العراق طهران هي التي لها اليد الطولى في تعيين السياسي والسياسة، هناك لا تمص دماء العراقيين فحسب ولكن علمت العراقي كيف يمص دم أخيه العراقي لتثأر من الشعب العراقي بالشعب العراقي ذاته إلى أن اصبح أهل الرافدين طالبي الشهادة في سبيل لاعق القدم، ولايران في هذا قول مأثور "إذا رأيت الأفعى لا تقتلها بيدك وإنما بيد عدوك" في لبنان ولاية الفقيه عقيدة النصر والمقاومة، يقتل خيرة شبابه لتبقى ولاية الفقيه دستور المسيحي والشيعي والسني، ولأهل الخليج مع لاعق القدم ألف حكاية وحكاية من احتلال أرض إلى إشعال حرب طائفية وجواسيس ومخدرات وغسيل أموال، وفي مصر مازالت المحاولات جارية لاختطاف الأزهر الشريف ودوره، بعد أن أصبح فصيلاً سياسياً واحداً يتسيد المشهد العام في أرض الكنانه، أما اليوم وكل الألم اليوم هو دورها الخبيث في سوريا شاهدتم كيف تهدم منارات المساجد على رؤوس المصلين، فأغلب السلاح الذي يقتل به الاشقاء في سوريا هو سلاح إيراني، وأغلب الجيش من لاعقي الأقدام، ما يحصل في سوريا اليوم هو إبادة جماعية للشعب العربي السوري الحر، الشعب العزيز هناك لا يواجه سلطة تريد أن تستأثر بالحكم لنفسها فحسب، ولكنه يواجه مشروعاً إيرانياً خطيراً يريد أن يلتهم كل المنطقة ويمتص دماء أهلها.
كانت الأسطورة القديمة تمثل درجة من الوعي، تشرح الظواهر وتطرح الحلول وتبلور الحكمة، ويفترض أنه بعد مرور كل هذه القرون أن يكون الوعي قد نضج وتجاوز عصر الأساطير، ولكن ما أراه اليوم انه تخلف عن ذلك العصر بكثير.
fhgds