قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب عن الزهري قال: قال سعيد بن المسيب أخبرني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقُومُ الساعةُ حتى تخرجَ نارٌ من أرض الحجاز تضيءُ لها أعناقُ الإبلَ بِبُصرى"
ورواه مسلم من حديث الليث عن عقيل عن ابن شهاب.
ظهور النار في المدينة واستمرارها شهراً عام 654 للهجرة
وقد ذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة، وكان شيخ المحدثين في زمانه وأستاذ المؤرخين في أوانه أنه في سنة أربع وخمسين وستمائة في يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة ظهرت نار بأرض المدينة النبوية في بعض تلك الأودية طول أربعة فراسخ وعرض أربعة أميال تسيل الصخر حتى يبقى مثل الآنك، ثم يصير كالفحم الأسود وإن ضوءها كان الناس يسيرون عليه بالليل إلى تيماء وأنها استمرت شهراً، وقد ضبط ذلك أهل المدينة وعملوا فيها أشعاراً، وقد ذكرناها فيما تقدم. وأخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن القاسم الحنفي قاضيهم بدمشق عن والده الشيخ صفي الدين مدرس الحنفية ببصرى أنه أخبره واحد من الأعراب صبيحة تلك الليلة ممن كان بحاضرة بلد بصرى أنهم شاهدوا أعناق الإِبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز.
ذكرُ إِخْبَارِهِ صًلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسًلّم بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةَ بَعْدَ زَمَانَنَا هَذَا
قال الإِمام أحمد بن حنبل: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عروة عن ثابت، حدثنا عليان بن أحمد البكري، حدثنا أبو زيد الأنصاري قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا". وقد رواه مسلم منفرداً في كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وحجاج بن الشاعر عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل عن عروة عن علي عن أبي يزيد وهو عمرو بن أخطب بن رفاعة الأنصاري.
إشارات نبوية إلى الأحداث الماضية والمستقبلة حتى قيام الساعة
وقال البخاري في كتاب بدء الخلق من صحيحه، وروى عن عيسى بن موسى عنجار عن رقية عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال، سمعت عمر بن الخطاب يقول: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً.
"فأَخْبَرَنَا عَنْ بدء الْخَلْق حَتَّى دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وأهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُم حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفَظَهُ ونَسِيَهُ مَنْ نَسِيَه".
هكذا ذكره البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، عن عيسى بن موسى عنجار، عن أبي حمزة عن رقية فالله أعلم، وقال أبو داود في أول كتاب الفتن من سننه: حدثنا عثمان عن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً". "فما تَرَكَ شيئاً يكونُ في مقَامِهِ ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حَفِظَه من حفظه ونسيَه من نَسِيه قد عَلمَه أصحابي هؤلاء وإِنَّهُ ليكون الشيءُ فأذكُرة كما يذكر الرجلُ وجهَ الرجل إذا غَابَ عَنْهُ ثم إذا رَآهُ عَرَفَه".
شهادة حذيفة بحدوث بعض ما أخبر به الرسول عليه السلام لم يبق من الدنيا إلا اليسير
وهكذا رواه البخاري من حديث سفيان الثوري، ومسلم من حديث جرير كلاهما عن الأعمش به، وقال الإِمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن علي بن زيد عن أبي نصرة عن أبي سعيد قال: "صلى بِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ العصر ِذَاتَ يَوم ثمّ قامَ فَخَطَبَنَا إلى أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً مِمَّا يَكُونُ إِلى يوم القيامة إِلاَّ حَدَّثَنَاه حَفِظَ ذلِكَ مِن حَفِظَه ونَسِيَ ذلِكَ مَنْ نَسِيَهُ فكان مما قالَ: يا أَيها النَّاس إِنَّ الدنيا خضرَةٌ حُلْوَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ اسْتَخْلَفَكمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدنيا واتَّقوا النِّسَاءَ إِلى أَنْ قَالَ وَقَدْ دَنَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ وَإِنَّ مَا بَقِيَ مِن الدنيا فِيما مَضى مِثل ما بَقِيَ من يومكم هذا فِيمَا مَضَى مِنْه".
علي بن زيد بن حدجان التيمي له غرائب ومنكرات، ولكن لهذا الحديث شواهد من وجوه أخر، وفي صحيح مسلم من طريق أبي نصرة عن أبي سعيد بعضه وفيه الدلالة على ما هو المقطوع به أن ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى منها شيء يسير جداً ومع هذا لا يعلم مقداره على التبيين والتحديد إلا الله عز وجل.
لا أساس للإسرائيليات التي تحمد ما مضى وما بقي من الدنيا
كما لا يعلم مقدار ما مضى إلا الله عز وجل والذي في كتب الإِسرائيليين وأهل الكتاب من تحديد ما سلف بألوف ومئات من السنين قد نص غير واحد من العلماء على تخبطهم فيه وتغليطهم، وهم جديرون بذلك حقيقيون به وقد ورد في حديث: "الدُنْيَا جُمْعَة مِنْ جُمَع الآخِرَة".
ولا يصح إسناده أيضاً، وكذا كل حديث ورد فيه تحديد وقت يوم القيامة على التعيين لا يثبت إسناده وقد قال الله تعالى: "يَسْألُونَكَ عَن السَّاعَةِ أيَّانَ مُرْسَاهَا، فِيمَ أَنْتَ مِن ذِكْرَاهَا، إلى ربِّكَ مُنْتَهَاهَا، إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا، كَأنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاها".
وقال: "يَسألُونَكَ عَن السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قل إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَت في السَّموَاتِ وَالأَرْض لا تَأتيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْألُونَكَ كَأنَّكَ حَفيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ولكنَّ أكْثَرَ النَّاس لا يَعْلمُون".
والآيات في هذا والأحاديث كثيرة وقال الله تعالى: "اقترَبَتِ السّاعةُ وانْشَقَّ القَمَرُ".
وثبت في الحديث الصحيح: "بُعِثْتُ أنَا والسَّاعَةَ كَهَاتَيْن".
اقتراب الساعة
وفي رواية: "إن كادت لتسبقني" وهذا يدل على اقترابها بالنسبة إلى ما مضى من الدنيا. وقال تعالى: "اقتربَ للنّاس حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُون".وقال تعالى: "أتى أمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوه".
وقال تعالى: "يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أنَّهَا الْحَقّ".
حشر المسلم مع من أحب يوم القيامة
وفي الصحيح أن رجلاً من الأعراب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: "إِنَّهَا كَائِنَةٌ فَمَا أَعدَدْتَ لَهَا? فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَهِ يا رسول الله لَمْ أعِدَّ لَهَا كَثْرَةَ صَلاَةٍ وَلاَ عَمَل وَلَكِنَّني أحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَالَ: أنْتَ مَعَ مَنْ أحْبَبْتَ" فَمَا فَرِحَ المسلمونَ بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِهَذَا الحديث.
من مات فقد قامت قيامته
وفي بعض الأحاديث أنه عليه السلام سئل عن الساعة فنظر إلى غلام فقال: "لَنْ يُدرِكَ هَذَا الهَرَم حَتَّى تأتِيكُمْ سَاعَتُكُمْ".
والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة، وبعض الناس يقول: من مات فقد قامت قيامته، وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح، وقد يقول هذا، بعض الملاحدة ويشيرون به إلى شيء آخر من الباطل، فأما الساعة العظمى وهي وقت اجتماع الأولين والآخرين في صعيد واحد فهذا مما استأثر الله تعالى بعلم وقته.
مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا اللّه
كما ثبت في الحديث: "خَمس لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ ثُمّ قرأ: "إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَام وَمَا تدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تدْرِي نَفْسٌ بِأي أرْض تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيم خَبِير".
الرسول عليه السلام لا يعلم متى الساعة
ولما جاء جبريل عليه الصلاة والسلام في صورة أعرابي فسأل عن الإِسلام ثم الإيمان ثم الإِحسان أجابه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فلما سأله عن الساعة قال له: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أشراطها فأخبره عن ذلك كما سيأتي إيراده بسنده ومتنه مع إسناده وأشكاله من الأحاديث.
باب
ذكر الفتن جملة
ثم تفصيل ذكرها بعد ذلك إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى
إشارة نبوية إلى تعاقب الخير والشر
قال البخاري: حدثنا يحيى بن موسى، حدثنا الوليد، حدثنا ابن جابر، حدثني بئر بن عبد الرحمن الحضرمي، حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كنا الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله: "إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةِ وَشَر فَجاءَنا اللَّهُ بِهذا الخير ِفَهَلْ بَعْدَ هَذا الخَيْر َمِنْ شَرٍ? قَالَ: نَعَمْ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّر مِنْ خَيْر? قَالَ: نَعَمْ وفيهِ دَخَنٌ قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهً? فقَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدييِ يُعْرَف منهُمُ ويُنْكَرُ قُلت: فهل بعد ذلك الخيرِ من شَرّ? قَالَ: نَعَمْ دعاةٌ على أبواب جهنم مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيها. قلت يا رسول الله صِفْهُمْ لنا. قال هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ويَتَكَلَّمُونَ بِألْسِنَتِنَا. قلت: فَمَا تأ مُرْنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ? قَال: تَلْزَمْ جَمَاعَةَ المُسْلِمِين وإِمَامَهُم. قُلْتُ: فإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامُ وَلاَ جَمَاعَةٌ. قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَو أنْ تَعَضَّ بأصْل شَجَرَةٍ حَتَّى يدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلى ذَلِك".
ثم رواه البخاري أيضاً ومسلم، عن محمد بن المثنى، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به ونحوه.
عودة الإِسلام غريباً كما بدأ
وثبت في الصحيح من حديث الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدأ غَرِيباً وسَيَعُودُ غَريباً كما بَدَأ فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ قِيلَ وَمَن الغُرَبَاءُ? قالَ: النزائحُ مِنَ الْقَبَائِل".
ورواه ابن ماجة عن أنس وأبي هريرة.
باب
افتراق الأمم
وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَفَرَّقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وتَفَرَّقَتْ أمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً".
ورواه أبو داود عن وهب بن تقية، عن خالد، عن محمد بن عمرو به.
إشارة نبوية إلى أن الفتن ستفرق الأمة وأن النجاة ستكون في لزوم الجماعة
وقال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كريش بن دينار الحمصي، حدثنا عباد بن يوسف، حدثنا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِفْتَرَقَ اليَهُود عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فَوَاحِدَةٌ فِي الجَنَّةِ وسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وافْتَرَقَتِ النَّصارَى عَلَى اثْنَتَيْن وسبعينَ فرقةً فإِحْدى وسبعون في النَّارِ وَوَاحِدَةٌ في الجنَّة، والَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ لَتَفتَرِقَنَّ أمَّتِي على ثلاث وسَبعينَ فِرْقَة فواحدة في الجنَّةِ واثنتان وسبعون في النَّارِ" قيل يا رسول الله من تراهم? قال: "الجماعة".
تفرّد به أيضاً وإسناده لا بأس به أيضاً، وقال ابن جماعة أيضاً حدثنا هشام هو ابن عامر، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا أبو عمرو، وحدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بني إِسرائيلَ افترقتْ على إِحدى وسَبْعِينَ فرقةً وإِن أمّتي ستفترق على اثْنَتَيْن وسَبْعِينَ فرقةً كلُّها في النَّارِ إلا واحدةً وهي الجماعةُ".
وهذا إسناد جيد قوي على شرط الصحيح تفرد به ابن ماجه أيضاً، وقال أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد يحيى بن فارس قالا حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان هو ابن عمرو، حدثنا أزهر بن عبد الله الحراري قال أحمد عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا وقال: "ألا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أهل الكتاب افْتَرقُوا على اثْنَتَيْن وسبعين ملَّةً وأن هذه المِلَّةَ ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النَّارِ وواحدةٌ في الجنة وهي الجَماعة".
تفرد به أبو داود وإسناده حسن، وفي مستدرك الحاكم أنهم لما سألوه عن الفرقة الناجية من هم قال ما أنا عليه اليوم وأصحابي". وقد تقدم في حديث حذيفة أن المخلص من الفتن عند وقوعها اتباع الجماعة ولزوم الطاعة.
لا تجتمع الأمة على ضلالة
وقد قال: حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معاذ بن رفاعة السلامي، حدثنا أبو خلف الأعمى أنه سمع أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمّتِي لَنْ تَجْتمعَ على ضَلاَلةٍ فإذا رأيتم الاختلافَ فعليكم بالسَّوادِ الأعظَم" ولكن هذا حديث ضعيف لأن معاذ بن رفاعة السلامي ضعفه غير واحد من الأئمة، وفي بعض الروايات عليكم بالسواد الأعظم الحق وأهله فأهل الحق هم أكثر الأمة ولا سيما في زمان الصدر الأول لا يكاد يوجد فيهم من هو على بدعة، وأما في الأعصار المتأخرة فلا يعدم الحق عصابة يقومون به.
الاذن باعتزال الناس عند اشتداد الفتن وتحكم الأهواء
كما قال في حديث حذيفة فإن لم يكن لهم إمام ولا جماعة قال: "فاعْتَزلْ تلكَ الفِرقَ كلَّها وَلَو أَنّ تَعَضَّ بأصل شجرة حتى يُدْرِكَكَ الموتُ وأنتَ عَلَى ذلِك".
وتقدم الحديث الصحيح. بدأ الإِسلام غريباً وسيعود غريباً. وورد في الحديث: "لا تقوم الساعة على أحدٍ يقولُ اللَّهُ اللَّه".
والمقصود أنه إذا ظهرت الفتن فإنه يسوغ اعتزال الناس حينئذ كما ثبت في الحديث: "فإِذا رأَيت شُحّاً مُطَاعاً وَهَوَى مُتَّبَعاً وإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رأي برأيه فَعَلَيْكَ بخوَيصَةِ نفسِكَ وَدَعْ أَمْرَ العَوام".
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ أن يَكُونَ خَيْر مال المسلم غنمٌ يُتَّبَعُ بِهَا شَعَف الجبالِ ومواضِعَ الْقطْر ناجياً بدينِه من الفِتَن".
لم يخرجه مسلم، وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق ابن أبي صعصعة به، ويجوز حينئذ سؤال الوفاة عند حلول الفتن وإن كان قد نهى عنه لغير ذلك كما صحّ به الحديث.
النهي عن تمني الموت
وقال أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا ابن يونس، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يَتَمَنَّينَّ أحدُكُمُ الموتَ لاَ يَدْعُو بِهِ مِنْ قَبْل أنْ يَأتِيَهُ وإنَّه إذا مَات انقطع عملهُ وإنَّهُ لا يَزيدُ المؤمنَ عمرُهُ إلا خيراً".
والدليل على جواز سؤال الموت عند الفتن الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن معاذ بن جبل في حديث المنام الطويل وفيه: "اللَّهًمَّ اني اسألُك فعلَ الخَيْراتِ وأنْ تَغْفِرَ لي وتَرْحَمَنِي وإذا أرَدْتَ بقوم فِتنَةً فَتَوَفَّنِي إِلَيْكَ غَيْرَمَفْتُونٍ اللَّهُمَّ إِني أسْألُكَ حُبًكَ وحبَّ مَن يُحِبُّك وحُبَّ كُلِّ عَمَل يقربُني إلى حُبَّك".
وهذه الأحاديث دالة على أنه يأتي على الناس زمان شديد لا يكون للمسلمين جماعة قائمة بالحق إما في جميع الأرض وإما في بعضها.
رفع العلم بموت العلماء
وقد ثبت في الصحيح، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قّال: "إنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العلمَ انتِزَاعاً يَنْتَزِعهُ مِنَ النَّاس ولكِنْ يَقبضُ العلمَ بِموت العلماء حتى إنّه إذا لم يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النّاسُ رؤَساءَ جهالاً فَسئِلُوا فَأفْتَوْا بغيْرِ علم فَضَلوا وأضلّوا".
إشارة نبوية إلى بقاء طائفة من الأمة على الحق حتى تقوم الساعة
وفي الحديث الآخر: "لا تَزَال طائفةٌ مِنْ أمَّتِي ظَاهِرين على الحَقِّ لا يَضُرهُمْ من خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خالفهُمْ حَتّى يأتِي أمرُ اللَّهِ وهُم كذلك".
وفي صحيح البخاري وهم على ذلك.
قال بعض الحكماء :
إنني أفضل الأشرار الأذكياء على الأشرار الأغبياء .
لأن الأذكياء ينامون بعض الوقت , والأغبياء لا يستريحون أبداً
sgsgm hgtjk ,hglghpl gghlhl hfk ;edv