ثُلَّة مِن الْنَّاس لايَعْرْفَهُم الْكَثِيْر مِن الْأَنَام، رَفَع قَدْرَهُم وَأَعْلَى
مَنْزِلَتِهِم الْعَزِيْز الْعَلَام
يَاتُرَى مَن هُم؟؟؟؟؟؟؟؟
هُم أُوْلَئِك الْأَخْفِيَاء الْأَعْلَام الَّذِيْن قَلَّمَا تَجِد لَهُم فِي بُطُوْن
الْكُتُب ذُكِرَا أَو إِشَارَة بِالْمرَسَام.
* قُلُوْبِهِم مُتَجَرِّدَة لَاتَنْظُر إِلَى الْمَنْصِب وَلَا تَتَمَنَّاه.
* قُلُوْبِهِم لَاتَعْرِف الْرَّاحَة وَالْمَلَل أَو الْضَّجَر، وَتَدْعُو كُلَّمَا
انْغَمَسَت فِي أَعْمَال الْدَّعْوَة.
* قُلُوْبِهِم لَاتَجِد لِلْنَّوْم طَعْما، وَلَاتَعْرِف الْثَّأْر عَلَى نَفْسِهَا.
* قُلُوْبِهِم لَاتَعْرِف وَقْتَا مُحَدَّدَا تَعْمَل فِيْه لِلْدَّعْوَة وَآَخِر
لَاتَعْمَل فِيْه، بَل جَعَلْت كُل لَحْظَة فِي حَيَاتِهَا لِلْدَّعْوَة.
يَقُوْل الْشَّاعِر:
قَد مَات قَوْم وَمَا مَاتَت مَكَارِمُهُم * وَعَاش قَوْم وَهُم فِي الْنَّاس أَمْوَات.
أخَوَتي:
الْكَثِيْر مِن الْمُخْلَصِيْن وَالْدُّعَاة وَالْصَّادِقِيْن لَهُم مِّن الْمَآثِر
الْحَسَنَة وَالْأَعْمَال الْجَلَيْلَة الَّتِي لَم تَظْهَر فِي حَيَاتِهِم وَسَمِعْنَا
بِهَا عَنْهُم وَهُم تَحْت الْثَّرَى وَبَقِيَت سِيْرَتِهِم وذكراهم وَأَعْمَالَهُم
تَفُوْح عِطْرَا عَبْر الْآَفَاق وَذَلِك لْإِخَلَاصِهُم، وَصِدْقُهُم مَع
الْلَّه، وَحِرْصِهِم عَلَى إِخْفَائِهَا، فَأَظْهَرَهَا الْلَّه لَهُم بَعْد مَوْتِهِم.
قَال الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم:
(( إِن الْلَّه يُحِب الْعَبْد الْتَّقِي الْغَنِي الْخَفِي)) أَخْرَجَه مُسْلِم
فِي الزُّهْد .
فَمَن هُو هَذَا الْعَبْد الْخَفِي الَّذِي أَحَبَّه الْلَّه؟ وَمَن هُم الْأَخْفِيَاء
الَّذِيْن أُحِبُّهُم الْلَّه؟
هَل هُم الَّذِيْن يَتَخَفَّوْن عَن الْنَّاس وَيَنْعْزِلُون عَنْهُم؟ أَم هُم
الْسَّاجِدُوْن الْرَّاكِعُوْن الْمُسَبِّحُوْن فِي الْخَلَوَات؟
الْأَخْفِيَاء:
هُم الَّذِيْن عَلِمُوْا أَن أَحَد شُرْطِي قَبُوْل الْأَعْمَال(( الْإِخْلَاص
لِلَّه)) وَهُو ابْتِغَاء وَجْه الْلَّه فِي كُل عَمَل يَقُوْم بِه الْإِنْسَان،
فَلَمَّا عَلِمُوْا ذَلِك حَرَصُوا عَلَى إِخْفَاء أَعْمَالَهُم ، طَمَعَا فِي
الْقَبُوْل.وهْرُوْبا مِن خُطُوْرَة الْرِّيَاء، وَكَان بَيْنَهُم وَبَيْن الْلَّه
عَزَوَجَل أَسْرَار مِن عَمَل صَالِح لَايَطّلِع عَلَيْهَا أَحَد مِن
الْنَّاس.
يَقُوْل أَحَد الْأَئِمَّة:
( يَنْبَغِي أَن يَكُوْن بَيْن الْلَّه وَالْعَبْد سَر مِن عَمَل صَالِح،
فَإِذَا تَمَكَّن هُنَا الْسِّر زَادَه سَرَّا آَخَر، فَإِذَا تَمَكَّن زَادَه سَرَّا
آَخَر حَتَّى تَكُوْن بَيْنَه وَبَيْن الْلَّه أَسْرَار، فَإِذَا وَقَع فِي ضَيْق
سَأَل الْلَّه بِتِلْك الْأَسْرَار).
***
مَامَنْزِلَة الْسِّر؟ وَمَاهُو ذَلِك الْسِّر الَّذِي تَمَيَّزُوْا بِه عَن غَيْرِهِم
حَتَّى أُحِبُّهُم الْلَّه؟
***
الْسِّر فِي الْلُّغَة:
( الْسِّر: خِلَاف الْإِعْلَان)
وَعَن أَبِي عُبَيْدَة قَال: أَسْرَرْت الْشَّيْء: أَخْفَيْتُه.
وَأَسْرَرْتُه: أَعْلَنْتُه.
وَقَرَأ قَوْلُه تَعَالَى:
(( وَأَسَرُّوا الْنَّدَامَة لَمَّا رَأَوُا الْعَذَاب)) أَي أَظْهَرُوْهُا.
مَنْزِلَة الْسِّر فِي كِتَاب الْلَّه:
إِن الْلَّه عَزَّوَجَل أَوْرَد فِي كِتَابِه كَلِمَة الْسِّر فِي عِدَّة مَوَاضِع
مِن الْقُرْان الْكَرِيْم مَادِحا أَصْحَابِهَا بِمَا يَفْعَلُوْن بِهَا مِن
أَعْمَال صَالِحَة مِن زَكَاة وَصَلَاة وَصَدَقَة وَمِنْهَا عَلَى سَبِيِل
الْمِثَال قَوْلُه تَعَالَي:
(( إِن الَّذِيْن يَتْلُوْن كِتَاب الْلَّه وَّأَقَامُوْا الصَّلَاة وَأَنْفَقُوْا مِمَّا
رَزَقْنَاهُم سِرا وَعَلَانِيَة يَرْجُوَن تِجَارَة لَن تَبُوْر)) فَاطِر 29.
مَنْزِلَة الْسِّر فِي أَحَادِيْث الْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم.
عَن أَبِي هُرَيْرَة رَضِي الْلَّه عَنْه قَال: سُمِعَت رَسُوْل الْلَّه
صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَقُوْل:
(( سَبْعَة يُظِلُّهُم الْلَّه فِي ظِلِّه يَوْم لَاظِل إِلَا ظِلُّه:
الْإِمَام الْعَادِل، وَشَاب نَشَأ فِي عِبَادَة الْلَّه عَزَّوَجَل، وَرَجُل
قَلْبُه مُعَلَّق بِالْمَسَاجِد، وَرَجُلَان تَحَابَّا فِي الْلَّه، اجْتَمَعَا عَلَى
ذَلِك وَتَفَرَّقَا عَلَيْه، وَرَجُل دَعَتْه امْرَأَة ذَات مَنْصِب وَجَمَال
فَقَال: إِنِّي أَخَاف الْلَّه، وَرَجُل تَصَدَّق بِصَدَقَة فَأَخْفَاهَا حَتَّى
لِاتُعَلِّم شِمَالِه مَاتُنْفِق يَمِيْنُه، وَرَجُل ذَكَر الْلَّه خَالِيا فَفَاضَت
عَيْنَاه)) رَوَاه الْبُخَارِي وَمُسْلِم
( الأخفياء المنهج والسلوك) للكاتب
وليد بن سعيد باحكم
ادعوا لكاتبه وناقله
ig jpf hk j;,k lk hghotdhx