قال تعالى: (والعصر* إن الإنسان لفي خُسر* إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
إذا ما تأملنا الآيات الحكيمة, فسنجد أن المستثني من الخسران هم صنف واحد وفريد من البشر إختصه الله بنقيض الخسران, وهو الربح والفلاح…
فقد قال عز وجل:
إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات (وهذا هو دور الإنسان ومسئوليته تجاه نفسه ليستنقذها من العذاب والجحيم) وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (وهذا هو دور الإنسان الاجتماعي ومسئوليته تجاه إخوانه وأمته). ولم يقل المولى تعالى إلا الذين آمنوا…. وإلا الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.. كي لا يتصور أحد أنهما صنفان متباينان من البشر, بل ربط أدوات الفلاح بواو المعية والمشاركة.. فهم صنف واحد يعمل على المستوى الشخصي لتزكية النفس وتهذبيها, وعلى المستوى الاجتماعي لنصرة الحق وأهله, والنهوض بأمته و وطنه, وبدأ سبحانه وتعالى السورة بظرف زمني في دلالة واضحة على أن الحياة التي ما هي إلا أوقات زمنية, ينبغي أن تصرف في هذه الأعمال, إذا ما أراد الإنسان لنفسه الفلاح والرشاد. وكل ما عدا ذلك باطل ومفضي للخسران…فماعدا ذلك لن يعدو أن يكون تقصيراً في إحدى الدورين..
ويقودنا هذا الفهم للإسترسال فى الخاطرة بتصنيف البشر تبعاً لما توضحه الآيات على النحو التالي:
الأول: أهمل تزكية الذات وانصرف للقيام بأعمال ظاهرها الخير وباطنها الرياء وهو بهذا مُحبط عمله وخيم مآله. (نسأل الله العافية)
الثاني: أهمل الدور الاجتماعي وانكفأ على ذاته يُخلّصها وهو قادر على نفع الآخرين ومثله كمثل القوم الذين قالوا (لما تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً) فما كان إلا أن أهمل ذكرهم الخبر لاعتلال فكرهم… وليس من أحد إلا وقادر على نفع الناس.
الثالث: انصرف عن تزكية النفس والنصح لأمته وهم الهالكون بالبينة.
الرابع: تعهد النفس بالتربية وإخوانه بالنصح وأمته بالبذل والعطاء إلى أن يختم له بالحسنى وهؤلاء هم الأطهار الأخيار دواء الأمة وروادها…
فهلاّ كانت لله وثبة عطاء يا شباب, نصل فيها العمل الدؤوب بالفكر الرشيد ونؤدي بها أمانتنا ونرضي ربنا؟؟