بسم الله الرحمن الرحيم
ما أجمل أن ينتقل العبد إلى ربه.. ويرتحل إلى مولاه .. وقد خلف وراء ظهره من الحسنات الباقيات ما يدخره ليوم الحساب .. من صدقات جاريه تنفعه في قبره ، وهو في أمس الحاجة إليها وأفقر الحال لها .....
طوبى لمن كان مفتاحاً للخير .. مغلاقاً للشر .. تجري على يده مصالح الخلق .. ومنافع العباد ..
تأمل هذه الآية الكريمة : قال تعالى (( إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيءٍ أحصيناه في إمام مبين ))
يقول الشيخ بن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية (( إنا نحن نحي الموتى )) أي نبعثهم بعد موتهم لنجازيهم على الأعمال
(( ونكتب ما قدموا )) من الخير والشر ، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم ،
(( وآثارهم )) وهي آثار الخير وآثار الشر ، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم ، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس ، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه ، أو أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر ، أو علم أودعه عند المتعلمين ، أو في كتب ينتفع بها في حياته أو بعد موته ، أو عمل خيراً ، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان فاقتدى به غيره ، أو عمل مسجداً ، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس ، وما أشبه ذلك ، فإنها من آثاره التي تكتب له ، وكذلك عمل الشر
ولهذا ( من سن سنه حسنه فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنه سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)
وهذا الموضع ، يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى الله والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك ، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه ، وأنه أسفل الخليقه وأشدهم جرما وأعظمهم إثماً 0
(( وكل شيءٍ )) من الأعمال والنيات وغيرها
((أحصيناه في إمام مبين )) أي كتاب هو أم الكتب وإليه مرجع الكتب التي تكون بأيدي الملائكة وهو اللوح المحفوظ
تفسير بن سعدي ص693
وللأسف البعض منا يعيش سبعين سنة أو ستين سنة ويخرج من الدنيا ولم يترك له أثر حسن في هذه الحياة الدنيا تدرُ عليه حسنات بعد موته من بناء مسجد أو إخراج شريط نافع أو كتابة موضوع إسلامي في منتدى أو أرساله في الإيميل أو وقف على فقراء أو أرامل أو يتامى أو تأليف كتاب نافع أو دلالة على خير أو غيرها من الأعمال الصالحة فأحرص أخي الحبيب على أن يبقى لك أثراً حسناً بعد موتك
فأينما توجهت لاتنسى حمل المطويات النافعه والاشرطه المفيده ولئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ( كن ممن يحمل هم الاسلام ولاتكن ممن يحمل الاسلام همه )
أنكر المنكر وأمر بالمعروف وحث على الخير أينما كنت وتاجر مع الله
واعلم فإن من أعظم الأعمال أجراً، وأكثرها مرضاة لله عز وجل، تلك التي يتعدى نفعها إلى الآخرين ، وذلك لأن نفعها وأجرها وثوابها لا يقتصر على العامل وحده، بل يمتد إلى غيره من الناس، حتى الحيوان، فيكون النفع عاماً للجميع.
ومن أعظم الأعمال الصالحة نفعاً، تلك التي يأتيك أجرها وأنت في قبرك وحيداً فريداً ، ولذا يجدر بالمسلم أن يسعى جاهداً لترك أثر قبل رحيله من هذه الدنيا ينتفع به الناس من بعده، وينتفع به هو في قبره وآخرته، وصدق الله في قوله: ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا )
اللهم اجعلنا من الذين لا تنقطع أعمالهم الصالحة بعد موتهم
ادعوا لكاتبه وناقله
Hjv; Hevh rfg hgvpdg t',fn glk ;hk ltjhphW ggodv lyghrhW ggav