طلاســم المـثـقـفــين
الحالة الأدبية والثقافية في دولنا العربية يُرثى لها ، وتكاد تصل إلى مرحلة الحشــرجة ، لولا لطف الله بها .. أحياناً أطالع بعض الصحف والمجلات ، وأقرأ مقالات عديدة ، أو مقابلات شخصية ، أو رويات قصيــرة ، أو قصصاً أدبية أو مقطوعات نثرية لبعض أدعياء الثقافة والأدب فأتعجب .. وينتابني شعــور بالغثيان لاأدري أوَصَل بي الجهل إلى درجة أنني لاأفهم ماذا يقولون !! أم أن بعض مثقفينا وناشئينا من الكتّاب والكاتبات الشباب أصبحوا مشعوذين وسحرة ، فهم يتكلمون بكلام وألفاظ غير مفهومة !! أم هي حالة هستيرية اجتاحت الساحة الثقافية والصحيفة بإسم الثقافة والأدب والإبداع !! أم ماذا ياترى ؟!! الله أعلم !!
قرأت الكثير من المقالات لكُتّاب ومثقفين يدّعون الإبداع والتميّز ، ولكنني لا أفهم في أحايين كثيرة ماذا يريدون !! ولاإلى أي شيء يهدفون !! اقرؤوا القرآن وانظروا كيف هو سهل ممتنعٌ وجميلٌ :{ ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر }، واقرؤوا أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام كلامه سهلٌ وجميلٌ ورائع يفهمه العالم والمتعلم ، الكبير والصغير ، الذكروالأنثى ، الأعرابي والبدوي .. "أيّها الناس أطعموا الطعام وصلوا الأرحام ، وأفشوا السلام ، وصلـّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " .
هذا كلام أبلغ البلغاء ، وأعلم العلماء ، وأذكى الأذكياء صلى الله عليه وسلم . ثم خذ جريدة أو مجلة ، وأقرأ في الملحق الثقافي ، أو أذهب إلى مكتبة ، وتصفح القصص الأدبية ، أو الرويات العربية ، أو الخواطر ( العصرية ) وتــّأمل فيها .. وإذا فهمت شيئاً أريد منك التكّرم بإعطائي دورة في تفكيك عبارتها وألفاظها ( بالمقابل ولا عليك ) ! وأنا أقترح بأن تـُــقام دورات سريعة وطارئة للأجيال الجاهلة ( مثلي ) تــُخصص هذه الدورات لتفكيك عبارات الجيل المثقف الجديد ، حتىّ نعي ماذا يقصدون .
وأذكر أنني قرأت في مجلة الناقد نقلاً عن الأسبوع العربي كلمة لألبير قصير يقول فيها :" في أوربا اعتقاد سائد بأن الكتابات المعقده قد تعني الموهبة ، عندما لانفهم ماتقول معناه بأنك كاتب كاتب موهوب ، وعندما يفهمون كتاباتك يــُقال بأنك لست كاتباً مهماً " . فوجدت كلامه أيضاً ينطبق على الساحة الثقافية العربية ، وهو هو ما أقصده وأعنيه .
أختر ألفاظاً من القاموس المحيط ، أو لسان العرب ، أو من أي كتاب ، أو حتــّى من خيالك ، وإن كنت أنت لا تفهمها أصلاً ، ثم امزجها ببعضها ، وركــّب جملا ً واجعلها ( ملخبطة ) كيفما تشاء ، وارسلها لمجلة ، أو صحيفة ، وسترى ماذا يــُقال لك .. ربما تحوز على جائزة نوبل ، ( لكن النصف بالنصف ؛ لأنني أنا أخبرتك بهذه الخلطة السرية ) . ولو كنتَ مجهولاً لايعرفك أحد حتــّى لوجئت بإلياذة بديعة ، أو قصيدة فريدة ، أو مقطوعة رائدة .. فإنك مجهول ؛ وربما ترُمى كتاباتك في سلة المهملات أو المحذوفات حسب لغة ( النت ) .
ومن الطيف ماقرأت في هذه المناسبة يقول خالد المعالي : " أرسلت مرة قصيدة لأودونيس بإسم مستعار إلى إحدى المجلات ، وكان آنذاك شاعري المفضل ، وعندها رفضوا نشرها ، ونصحوني بالإكثار من قراءة شعـر الرصافي ، ونازك الملائكة " .
صدّقوني أن كثيراً من الرقباء على الصحافة ، أو المسؤولين على الصفحات الأدبية والثقافية جهلة ، وبعضهم عوام يأتون بالطوام إلا َّ من رحم الله ، وقليل ماهم .
ختاماً إليكم مقطوعة أدبية ثقافية من عجائز أفكاري :
أنت في دائرة الفسيولوجية الديناميكية ، لا تروي ،عصب المجتمع بأحاديث الأطـر الممغنطة
على أوتار الحب ، لأنك في قمقم الضوء البرتقال
خلـّيلي حالي ) وربما لاننفك من حدس الهوس اللاهث وراء النفس الممتزجة بالحب والخيال ، إننا لا نريد من الشوق سوى أن نطير في عيون الشعر الأسود . ونركض في جدار الكيف حالك .
وعليكم السلام والختام .(يارب جائزة نوبل في الأدب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
المصـــدر: مقالة للكاتب الكبير منصور جبر، مشاركات ،ص 46
'ghsJJl hglertdk ( dhgf~n rgfd )>