المصيبة العظمى رضى الإنسان عن نفسه و اقتناعه بعلمه ، و هذه محنة قد عمت أكثر الخلق .
فترى اليهودي أوالنصراني يرى أنه على الصواب ، و لا يبحث و لا ينظر في دليل نبوة نبينا صلى الله عليه و سلم .
و إذا سمع ما يلين قلبه مثل القرآن المعجز هرب لئلا يسمع .
و كذلك كل ذي هوى يثبت عليه ، إما لأنه مذهب أبيه و أهله ، أو لأنه نظرنظراً أول فرآه صواباً ، و لم ينظر فيما يناقضه ، و لم يباحث العلماء ليبينوا له خطأه .
و من هذا حال الخوارج على أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه ،فإنهم إستحسنوا ما وقع لهم و لم يرجعوا إلى من يعلم .
و لما لقيهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فبين لهم خطأهم رجع عن مذهبهم منهم ألفان .
و ممن لم يرجع عن هواه ابن ملحم ، فرأى مذهبه هو الحق فإستحل قتل أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه ، و رآه ديناً حتى أنه لما قطعت أعضاؤه لم يمانع .
فلما طلب لسانه ليقطع إنزعج و قال : كيف أبقى ساعة في الدنيا لاأذكر الله .
و مثل هذا ما له دواء .
و كذلك كان الحجاج يقول : [ والله ما أرجو الخير إلا بعد الموت ] .
هذا قوله و كم قتل من لا يحل قتله ،منهم سعيد بن جبير .
و قد أخبرناعبد الوهاب وابن ناصر الحافظ قالا : أخبرناالمبارك بن عبد الجبارقال : أخبرنا الحسين بن محمد النصيبي قال : أخبرنا إسماعيل بن سعيد : قال : حدثنا أبو بكر بن الأنباري قال : حدثنا أبوعيسى الختلي قال : حدثنا أبو يعلى قال : حدثنا الأصمعي قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عباد بن كثير ، عن قحدم ، قال : وجد في سجن الحجاج ثلاثة و ثلاثون ألفاً ، ما يجب على واحد منهم قطع و لا قتل و لا صلب .
قلت : و عموم السلاطين يقتلون ويقطعون ظناً منهم جواز ذلك ، و لو سألوا العلماء لبينوا لهم .
و عموم العوام يبارزون بالذنوب اعتماداً على العفو و ينسون العقاب .
و منهم من يعتمد أني من أهل السنة ، أو أن لي حسنات قد تنفع ، و كل هذا لقوة الجهل .
فينبغي للإنسان أن يبالغ في معرفة الدليل و لا يساكن شبهته ، و لا يثق بعلم نفسه . نسألالله السلامة من جميع الآفات . . . ! .
ابن الجوزي
erm hgYkshk fugl ktsi Ntm ;fvn