العرب أهل حكمة وبلاغة ، وقد عبروا عن حكمتهم بكلام مختصر -قليل المباني كثير المعاني –يسمونه مثلا .
وليس المثل إلا نتاج تجارب الحكماء الذين عضهم الدهر بنابه ، وعركتهم الحياة بأحداثها . ولذلك فإن من الحكمة ألا تُهمل تلك الأمثال ، وأن يستفاد مما تدل عليه من جواهر المعاني والحكم .
ومن أمثال العرب : " المرء مخبوء تحت لسانه " فهذا المثل مع قلة حروفه إلا أنه يُعطي الإنسان منهجا سلوكيا يبين له حدود وكيفية التعامل مع من حوله من الناس ، ويقيه من مكامن العطب ، ويحميه من العثار في الحفر . فهذا المثل ينبه الإنسان على :
1) خطورة الكلمة ، ووجوب التنبه لثمراتها وعواقبها؛ فإنها أساسُ حكم الناس على المرء ؛ فبها يُحكم عليه بالعقل أو بالخبل ، بالذكاء أو الغباء ، بالنباهة أو الغفلة ، بالعلم أو الجهل ، بل بالاستقامة أو الانحراف . ويكفيك من ذلك كله قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -لمعاذ - رضي الله عنه -: " وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ».
2) وأن الكلمة التي تخرج من الإنسان تحدد موقف الناس منه ، وكيفية تعاملهم معه ؛ فالناس يقتربون منه أو يبتعدون عنه ، ويحبونه أو يكرهونه بناء على ما يسمعون من كلامه .
3) وهذا المثل يدعو الإنسان إلى الانتباه إلى أقواله ،وأن عليه أن يراعي الحال إذا تكلم ؛ فلا يُطنب في موقف الاختصار ، ولا يختصر في موقف الإطناب .
4) وعلى المرء أن يتخير من الألفاظ ما يدل على رجاحة عقله ، وعفة نفسه ، وطهارة لسانه ، وعلو مقامه ومنزلته ، وأن يبتعد عن الابتذال والتفيهق .
Hkjfi ! gh dk;at hgohtd ?