باتت متغيرات الحياة في وقتنا الحاضر أسرع من أنفاسنا؛ فبالأمس القريب كان مجتمعنا السعودي يتميز بصفات وعادات إسلامية راقية، ومن ضمنها العلاقات الاجتماعية التي تربطنا ببعض؛ فتجد الجزء يشارك في بناء الكل مصداقاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له بقية أعضاء الجسد بالسهر والحمى.."، عندما كان الجار القريب والعم والخال والمعلم يشاركون في تربية الأبناء وتقويم وتصحيح سلوكياتهم، وفي المقابل تجد الآباء يتقبلون هذه المشاركة بصدر رحب، بل إنهم يمارسون هذه المشاركة مع أبناء مجتمعهم. وعلى الطرف الآخر تجد الأبناء يتقبلون النصح والتوجيه الذي قد يصل لدرجة التوبيخ أو الضرب بغض النظر عن صلة القرابة، وكان الاحترام المتبادل يسود مجتمعنا بشكل كبير؛ فالصغير يُجلّ ويقدِّر الكبير، وينزل الناس منازلهم؛ فالرجل المسن والداعية والمعلم وغيرهم يجدون كل التقدير والاحترام، وكذلك الصغير يجد من يعطف عليه حتى وإن كانوا مارة على قارعة الطريق. كان مجتمعنا يتوشح الحياء الذي هو شعبة من الإيمان؛ فالرجل في جميع مراحله السنية يستحي، والمرأة كذلك.
ومن عاش في ذلك الزمن الجميل يشاهد الفَرْق، ويرى التغير الذي طرأ على مجتمعنا للأسوأ - مع شديد الأسف -؛ حيث اندثرت الكثير من مبادئنا الإسلامية وعاداتنا الحسنة، وصدق الصادق عليه الصلاة والسلام عندما قال "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت".
ولأن التركيبة السكانية للمملكة حسب الإحصائيات تشير إلى نسبة مرتفعة جداً من الشباب الذكور، وما أدراك ما الشباب، ومن أراد أن يعرف إلى أي مدى وصل إليه شباب هذه البلاد فليذهب إلى أماكن تجمعات الشباب؛ ليشاهد بأُمّ عينيه قنابل موقوتة تمشي على الأرض، أجزم بأنه لا توجد قوة تستطيع السيطرة عليهم عند انفلات زمام الأمور، وكذلك ما نشاهده من اللف والدوران بجوار مدارس الأولاد!! والتسكع في الشوارع والطرقات، والتوقف والاستعراض على الأرصفة، ومضايقة العابرين، وتعطيل لحركة المرور.. كل من يشاهد هؤلاء يرى أشكالاً وتصرفات غريبة، وتعمد مضايقة الآخرين، ومستوى أخلاقياً يصل في أغلب الفترات إلى درجة الانحطاط.
كل هذه التجاوزات، التي تصدر من فئة تشكّل أهم طبقة في المجتمع، تعكس المستوى الثقافي والتربوي والتعليمي الذي وصلنا إليه بكل أسف؛ فهو في انحدار مخيف، في وقت نجد فيه أن جميع دول العالم تتقدم وترتقي اجتماعياً وثقافياً.
ومن هذا المنطلق فإنني أناشد قيادة هذا البلد المبارك فرض التجنيد الإجباري، الذي سيكون حلاً للكثير من القضايا التي يكون الشباب طرفاً فيها، بل سيكون مورداً لاستقطاب الكفاءات الجيدة، التي تتناسب مع متطلبات وشروط العمل في السلك العسكري، وسنكسب رجالاً يكونون هم خط الدفاع الأول عن الوطن؛ فلن يحمي الوطن سوى أبنائه، وبإذن الله يكون في ذلك ما يساعد على تخفيف نسب مدمني ومروِّجي المخدرات،ونقضي على "الميوعة" وصرعات "الكدش" و"طيحني"، وغيرها من الظواهر التي ابتُلينا بها في هذا العصر.
مما راق لي
ودي لكم / ابو فارس
::: aJfJhfJkJh ,hgJjJ[JkJdJ] hgY[JfJhvd