6
لما انتهى عنترة بن شداد من معركته مع شارب الدماء
والناقد بن الجلاّح وعاد بالأسلاب والغنائم للقبيلة فرحت عبس وتغنت بهذا الانتصار المدوّي الذي حققه
عنترة لهم وكان من ضمن المستقبلين لقدوم البطل
أم عنترة " زبيبة " وأخويه " شيبوب وجرير "
و " عبلة " فاحتضنته أمه وهي تبكي مسرورة بعودته وانتصاره وأخواه يرقصان فرحاً مهللين بنصره فيما قام عنتر بعد ذلك بتوزيع الغنائم والأسلاب بين أبناء عمومته وأهله بالقبيلة فقامت إليه
" عبلة " تختبر دلالها عليه قائلة " لله درّك يابن زبيبة أتقدم إلى المصر وتقيمه ولاتقعده من الاحتفالات
بنصرك ونجاحك ولا آخذ نصيبي من غنائمك ما أتعسك أيها العبد الأسود " فخفق فؤاد الفارس لهذه الكلمات
فنظر لها مبتسمًا وقال لها : " وهل ما فعلته إلا لنيل رضاك وتضحية في سبيلك لقد بقي لديّ هذين العقدين
المرصعين باللؤلؤ والجوهر وهما لك لا لسواك أنا عبدك وأرجو صفحك و رضاك "
فابتسمت عبلة بابتسامة يطرّزها الكبرياء مما أثار
حفيظة فتيات القبيلة وغيرتهن ودهشتهن فكيف تصيح " عبلة " بوجه عنترة أمام الجمع وتناديه بهذه اللهجة المستفزّة بينما يستقبل عنترة استفزازها بقلب بارد فانصرفت سعيدة بما قاله عنترة وعلمت أنها تحظى لديه بالمنزلة الرفيعة
في هذه الأثناء افتقد عنترة والده شداد وسأل عنه
فقالوا له إن شداداً قد ذهب لغزو بني ضبيان
فأدرك عنترة أن القدر يدبّرله مكيدة أخرى فتهامس
مع أخيه شيبوب بأن يسرج الأبجر ويستعد للحاق بوالده حتى لايسطو عليه بني ضبيان ويهلكوه وما هي إلا سويعات حتى وصل عنترة إلى ديار بني ضبيان
فما إن وصل عنترة حتى شاهد بأم عينيه ذل بني عبس
الواقعة بكافة فرسانها بالأسر فالتفت الناظرون إلى عنترة فتصايحوا :
ويلكم يا بني ضبيان قد اتاكم الموت الذي تفرّون منه فهذا العبد الأسود سيلحق بكم الذل والعار فالتفت قيس بن ضبيان إلى عنتر وشيبوب
فاستخف بهما وتضاحك فعرف عنتر أن عدوّه يستدرجه فبدأ عنتر يطاول عدوّه ويبارزه مختبرا قوّة
مراسه بالنزال فغمز عنتر لشيبوب أن احمي ظهري
من النابل وانتظر حتى يشتد وطيس الحرب فهرول
لتخليص الأسرى من قيدهم وما هي إلا لحظات حتى
فاجأ عنتر قيس بن ضبيان بضربات متلاحقة لايلحظها
البصر فضربه ضربة منتفم غاضب فأطار هامته فتكالبت جموع بني ضبيان على عنتر بينما شيبوب
يرميهم بنباله تارة ويخلص أسرى قبيلته تارة أخرى
فانصبّ عليهم عنترة كالبلاء النازل فسحقهم وبدّد
جموعهم فما هي إلا لحظات حتى تطايرت الجموع الهاربة من أمامه ولا تلحقهم سوى نبال شيبوب وقد اطلقوا على عنترة بعد هذه الحرب لقب الشيطان المارد
لبراعته وشدة بأسه وفروسيّته فأخذ الأسلاب والغنائم
وأسارى بني عبس ظافرين سالمين إلى أرضهم .
...
انتظروا ما تبقّى فالباقي أشدّ إثارة وتشويقًا