3
لما رفض شداد الاعتراف بعنتر في القبيلة وامتعظ
من انتساب العبد للسيد حزن عنتر من ذلك أشد الحزن
فخرج غاضبا مكلوماً مما قاله أباه شداد في حقه وأثناء
خروجه وسيره صادف مجموعة من الفرسان تهمّ
بالذهاب للصيد والقنص وكان زعيمهم فارس يقال
له " عيّاض بن ناشب العبسي " وقد طلب منه عنترة
الانضمام لهم في هذه الرحلة فرحّب به عيّاض لما
سمعه من شجاعته في قبيلته وكيف أنه يذود عن العرض ويحمي حماها وأنه صاحب غيرة فالتحق
عنتر بصفوف الفرسان وصار معهم فحملوا جميعهم
على بعض الفرسان التي تصادفوا معها بالبرّ وقد أبلى
عنتر بلاء حسنًا بالدفاع عنهم وساعدهم وأثناء ذلك
خرج عليهم فارس يقال له " الحارث بن عباد اليشكري"
وكان لديه حصان يضرب المثل به وبسرعته يسمّى
" الأبجر " لأن هذا الحصان ولد من مهرة عربية
أصيلة تسمى " النعامة " اشتهرت بنفس المواصفات
والجودة العربية وقد لاحظ عنتر كيف ان الأبجر في سرعته
لا تكاد العين تلحظ وجوده فهام عشقاً بهذا الحصان فتخوف
الفرسان من السلب لما غنموه من سطوهم فسلموا تلك
الغنائم وقالوا له سر بها انت فأنت أشجع من فينا ولانخاف
على أسلابنا من النهب لأنك حاميها فسار بالغنائم عنتر
وهو يفكر مليا بذلك الحصان الذي خطف بصره وسلب لب
فؤاده لإعجابه به وقد ساءه استحقار من تبعهم له لقولهم له
" يابن الأمة " بعد استلاب الأسلاب وتوزيعها فأضمر لهم
الانتقام والتنكيل حين تحين الفرصة وقد انفرد عنترعمن
معه شيئا فشيئاً وشاء الأقدار أن تجمعه بذلك الحصان
فاستوقف صاحبه المسمى " الحارث بن عباد " وقال له :
يا أخا العرب ! هل لك رغبة في أن تبيعني هذا الحصان ؟
فردّ عليه الحارث : ومن أنت حتى تركب حصاناً كهذا ؟
فقا له : انا عنتر بن شداد من قبيلة عبس !
فقال الحارث : لقد سمعت عن شجاعتك وفروسيتك ولو لم
تفعلوا بخصومكم ما فعلتم بهذه الرحلة لأهديتك الحصان
فقال عنتر بن شداد : وماذا عليّ أن أفعل الآن كي أحصل على هديتي منك ؟
فقال الحارث تعيد الغنائم مقابل أن أهبك الحصان
فوجد عنتر بن شداد في ذلك فرصة كبيرة للانتقام ممن
احتقروه ولقبوه " ابن الأمة " فقال للحارث :
لك ماشئت وأرجو أن تفي بوعدك فنزل الحارث بن عباد
من على جواده وسلّم زمامه بيد عنترة وأخذ الغنائم
وسار بها بعيداً قاصدا قبيلته أما عنترة فأخذ الجواد ومضى
سعيداً إلى طريقه وسبيله .
...
انتظروا حلقة قادمة من حلقات الفارس الذي تمرد على العبودية