عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2008, 03:42 PM
  #2
حر نجد
 الصورة الرمزية حر نجد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
العمر: 31
المشاركات: 313
معدل تقييم المستوى: 18
حر نجد is on a distinguished road
افتراضي


ومرت بضعة أيام، كانت الزوجة تتظاهر فيها بالتوعك والمرض، وكان الزوج يعرض عليها إحضار الطبيب، فكانت تنكر عليه أن تسمح لرجل أن يراها، فيزداد بذلك يقيناً بوفائها وإخلاصها، وإن كان يحس أن ثمة أمراً ما غريباً، يشعر به، ولا يستطيع تحديده.

وذات يوم دخل الأمير على الصائغ في الدكان، يصطحب معه جارية، جاء يشاوره في شرائها، وما إن رأى الصائغ الجارية حتى عرف فيها زوجته، وقد صبغت وجهها، وتنكرت في زي الجواري، فتقدم منها، وأخذ يتأملها، وهو في قلق واضطراب وغضب كبير، ولكنه ملك نفسه، ووارى مايجيش في داخله، ثم عمد إلى المثقب الذي يثقب به اللآلئ، فحمله، وتقدم منها، فأحدث في خديها جرحين خفيفين، وقال لصاحبه الأمير:"إن من عادة المرء إذا اشترى جارية، أن يفعل بها مثل ذلك، علامة"، ثم نصح له بشرائها، وبارك له فيها، وكان الزوج يريد بالجرحين، ترك أثر فيها، يفحمها به، حين يعود إلى البيت.

ولما مضى الأمير مع الجارية، أغلق دكانه، وأسرع إلى البيت، ولكن زوجته كانت سبقته، فغسلت الصبغ الذي دهنت به وجهها، ومدت الفراش، واستلقت فيه، وما دخل الزوج، ونادها، حتى أخذت تلطم وجهها، وتحدث فيه جروحاً بأظافرها، متظاهرة بالفزع الشديد، من دخوله المفاجئ عليها، وهي في المرض.

ولما رآها الزوج مجرحة الخدين بأظافرها، لم يستطع أن يتهمها بشيء، فصمت، وخرج مخذولاً ولكنه أدرك الحقيقة وعرف الأمر.

وأخيراً حان يوم رحيل الأمير، وكان من قبل قد كشف عن شخصه، وزار ملك البلاد، وتعرف إلى كبار الرجال، فتهيأت شيراز لوداعه، ونصبت الأقواس، ورفعت الأعلام، ولم ينسَ الأمير صاحبه الصائغ، فمر به في دكانه، قبل يوم من رحيله، يودعه، وقدم إليه هدايا لا تقدر بثمن، فحزن الصائغ لفراق صاحبه، وندم لشكوكه فيه، وأسف لسوء ظنه في زوجته، وعاد إلى يقينه بوفائها وإخلاصها.

وحين عاد الزوج إلى البيت في المساء، وأخبر زوجته بعزم الأمير على الرحيل، وصارحها بألمه لفراقه، فأبدت تأثراً خفيفاً لسفره، ولامته إذ لم يسمح لها بأن تراه طوال إقامته في البلد، ثم توسلت إليه أن يسمح لها بمشاركته في وداعه، فأبى، فعرضت عليه أن يأذن لها فقط بالإطلال من نافذة بيتها كيما تراه من بعد، قبل ذهابه، وهو الذي طالما حدثها عن شبهه بها، فوافق على أن لا تطيل المكث في النافذة.

وكانت سلمى قد هيأت كل شيء، ورتبت الأمور خير ترتيب، فما إن خرج موكب الأمير، وانضم إليه الصائغ لوداعه، حتى رأى زوجته إلى جانب الأمير، فلم يصدق ما رأى، وهو الذي أحكم إغلاق الأقفال السبعة عليها قبل خروجه، كعادته كل يوم، والتفت إلى نافذة بيته، فرأى زوجته واقفة فيها، ولا يظهر من وراء خمارها سوى عينيها، فاطمأن قلبه، ولكنه أعاد النظر إلى موكب الأمير، فإذا زوجته هي بنفسها إلى جانب الأمير، ورجع ببصره ثانية إلى نافذة بيته، فإذا هي تطل من النافذة، فحار في أمره، ولم يستطع أن يغادر الموكب، إذ كان عليه أن يبلغ معه حدود البلدة.

ولما بلغ الأمير حدود البلدة، ودعه صديقه الصائغ، وعاد إلى بيته كالريح، وارتقى درجات السلم وهو يلهث، وأقبل على النافذة، وإذا فيها دمية خشبية، على هيئة زوجته، وشكلها، قد ألبستها مثل ثيابها، ووضعتها أمام النافذة لخداعه.

وطاف الصائغ في أرجاء الدار ينادي "سلمى... سلمى... سلمى"، ولكن ما من مجيب.

---------تقبلو تحياتي------------

من كتاب: الحكايات الشعبية، (مجموعة حكايات شعبية)

@حــــــــــــر نـــــــــجــــــــــــــــد@
__________________

منتديات قبيلة الغنانيم

حر نجد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 
2 3 9 11 15 16 19 20 21 25 26 27 30 31 32 37 38 39 41 42 43 46 49 53 54 55 58 59 60 66 69 70