فوزي القبوري
انتشر في الآونة الأخيرة على نطاق واسع مقطع صوتي يقال أنه للرئيس الراحل صدام حسين، وظهرت مرة أخرى قصة أشباه الرئيس!! والحق ؛ إن مثل هذه الأمور ليست وليدة اليوم ومن ينظر لحوادث التاريخ يجد مثيلاتها بكثرة خاصة في فترات الضعف والانحلال التي تعيشها الدولة والأمة ، فمثلاُ في الأندلس وفي أعقاب الحرب الأهلية التي عصفت بها بعد قيام محمد بن هشام بن عبدالجبار بالثورة على ابن عمه الخليفة هشام المؤيد بالله في حدود سنة399ه/1009م ظهرت قصص خرافية مشابهة لقصة صدام حسين هذه ، فيذكر بعض المؤرخين أن الثائر ابن عبدالجبار عمد إلـى رجل نصرانـيّ يشبه الـمؤيد بالله وقتله وأخرجه للناس وقال: هذا هشام، وصلّـى علـيه ودفنه بمباركة من بعض الفقهاء وعلى رأسهم كبيرهم القاضي ابن ذكوان ، فلما قام ابن عم آخر لهشام المؤيد بالله على ابن عبدالجبار وحاصره أخرج لهم الأخير الخليفة الـمؤيدَ بالله هشاماً الذي كان أظهر موته فأجلسه للناس وحاول القاضي ابن ذكوان إقناعهم أنه فعلا المؤيد بالله وإنّما ابن عبدالجبار نائبه، فقالوا له: يا ابن ذكوان بالأمس تصلّـي علـيه والـيومَ تـحيـيه!!
ويذكر الفقيه الأندلسي الشهير ابن حزم –هو معاصر لتلك الأحداث – قصة طريفة حول الخليفة هشام وأشباهه فيقول : أخلوقة لم يقع في الدهر مثلـها فإنه ظهر رجل يقال لـه خلف الحصري بعد نيف وعشرين سنة من موت هشام بن الحكم المنعوت بالمؤيد وادعى أنه هشام، فبويع وخطب لـه على جميع منابر الأندلس في أوقات شتى، وسفك الدماء وتصادمت الجيوش في أمره، وأقام المدّعي أنه هشام نيفاً وعشرين سنة. بل إن ابن حزم نفسه يذكر بشيء من التفصيل حوادث غريبة حصلت له شخصياً في مسألة وفاة الخليفة هشام المؤيد بالله فيقول :" أُنذرنا الـجفَلَـى لـحضور دفن الـمؤيّد هشام بن الـحكم الـمستنصر فرأيتُ أنا وغيري نعشاً وفـيه شخص مكفَّن وقد شاهد غسله رجلان شيخان جلـيلان حكمان من حكّام الـمسلـمين من عدول القضاة فـي بـيت، وخارج البـيت أبـي رحمه الله وجماعة عظماء البلد ثم صلّـينا علـيه فـي ألوف من الناس ثم لـم يلبث إلاّ شهوراً نـحو التسعة حتـى ظهر حيّاً وبويع بالـخلافة ودخـلتُ إلـيه أنا وغيري وجلست بـين يديه وبقـي كذلك ثلاثة أعوام غير شهرين وأيام حتـى لقد أدّى ذلك إلـى توسوُسِ جماعةٍ لهم عقول فـي ظاهر الأمر إلـى أن ادّعوا حياته حتـى الآن وزاد الأمر حتـى أظهروا بعد ثلاث وعشرين سنة من موته علـى الـحقـيقة إنساناً قالوا هو هذا وسُفكت بذلك الدماء وهُتكت الأستار وأُخـلـيت الديار وأُثـيرت الفِتَن) لقد ضاعت الأندلس وهؤلاء مازالوا يتساءلون هل الخليفة هشام المؤيد بالله حي أم ميت؟! هل له أشباه أم أنه هو الخليفة هشام المؤيد بالله فعلاً؟! لا شك أن الكثير وقتها-كما في كل زمان- يهمهم وجود مثل تلك الشخصية ليجعلوها ستاراً لهم لتحقيق مطامحهم السياسية ، لكن الذي يجب أن نؤمن به أن لكل مرحلة دولة ورجال ، ومرحلة المؤيد بالله انتهت بسقوط العامريين الذين كانوا يحكمون باسمه ورسمه قبل أن يثور عليه أبناء عمومته وتحدث الفتنة وتضيع الأندلس ، ومرحلة صدام حسين انتهت بمجرد دخول القوات الأمريكية وإسقاط نظامه . وعلى العراقيين وعلينا كأمة العمل الدءوب لكبح وردع أطماع الأعداء وخاصة الصفويين منهم الذين تغلغلوا في العراق وفي الكثير من بلداننا ونحن مازلنا نقول ونردد صدام حي صدام ميت !
w]hl psdk ig lhj hl gh>>?