![]() |
النفاق الاجتماعي .
د. عائض القرني
أصبح لكل رمز ديني أو سياسي أو وطني بطانةٌ يمارسون معه لعبة التضليل والتَّملّق والتّزلّف والمديح المزيف، فشيخُ العلم لديه أتباع من المحبِّين والمعجبين يخلعون عليه صفات الكمال ويوهمونه بأنه بركة العصر، ووحيد الدهر وشبيه البحر، وأن الله نفع بعلمه العباد والبلاد، وأن كتبه وفتاويه ودروسه شرّقت وغرّبت، فيصدّق المسكين ويقع في الفخ ويصاب بداء العجب والتيه. والسياسي عنده بطانة تقتات بكلمات الإطراء ومقامات الثناء الممجوج، وتوهمه بأنه الملهم وقلب الأمة النابض ومحبوب الجماهير، وتذكر له أحلاماً منامية كاذبة تدل على صلاحه وعدله وإيمانه واستقامته، وتخبره هذه البطانة أن العجائز في البيوت يدعون له، وأن الشيوخ والأطفال يعيشون على حبّه، وأن عدله وصل الجميع وبرّه وَجُوده عمّ الكل، (فيتوهّق) و(يتورّط) في دهاليز العلو في الأرض والتّكبر على عباد الله والتّجبر على الأمة. والأعيان من العسكريين والتجار والمشاهير لهم جُلاّس وسُمّار يمارسون معهم لعبة الضحك على الذقون وتمويه الحقائق، ويعطونهم صورة خاطئة عن الواقع ليكسبوا الحظوة لديهم، وينالوا شرف صحبتهم، ويبتزوا أموالهم، فإذا غابوا عنهم سلقوهم بألسنة حِداد شِداد، فإذا أتيتَ تريد المكاشفة والصدق والوضوح والشفافية ضاع صوتك بين الأصوات وصرت ثقيلاً وأصبحت نشازاً، فتضطر رغم أنفك للمشاركة في حفل تأبين الضمير وفي جنازة موت الحقيقة، وهذا يدلّك على الغثائية التي وصلت إليها الأمة. أما كان الأعرابي يحاور عمر ويناقشه وهو على المنبر؟ أما طلب عمر من الناس تيسير المهر وعدم المغالاة في الصداق، فقامت امرأة من آخر المسجد فقالت لعمر: يا عمر كيف تريد تقليل المهر والله تعالى يقول: (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا(؟ فصاح عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر. نحن لا نطلب من الناس سوء الأدب مع الرموز الدينية والسياسية والوطنية وسائر الناس، ولا التجريح ولا التشهير، ولكن نطالب الجميع بالكف عن هذا النفاق الاجتماعي وحجب الحقائق وإدخال هذه الرموز في نفق مظلم من الوهم. يقول الحسن البصري: «تولّى الحجاج العراق وهو عاقل كيّس، فما زال الناس يمدحونه حتى صار أحمق طائشاً سفيهاً»، فلما ضعف الوازع الديني عند الأمة وقلَّ الصدق أكثرتْ من ألقاب المديح وصفات التّزلّف بعدما كان الصحابة في عصر الخيريّة والقيادة والريادة ينادي بعضهم بعضًا، فيقولون: يا أبا بكر، يا عمر، يا عثمان، يا علي، وهم قد فتحوا القلوب والأسماع والأبصار والبلدان بالإيمان والعدل والسلام، ولكن الرئيس العربي ركَّبَ على صدره النياشين وعلى أكتافه النجوم وفي الشوارع أقواس النصر وهو لم ينتصر في معركة واحدة بل إن أجزاء من بلاده تحتلها إسرائيل. إن تمويه الحقائق على الرموز وصنّاع القرار والمؤثِّرين معناه ضياع البلاد والعباد، فهؤلاء المتملِّقون والمتزلِّفون من البطانة همهم أنفسهم، وهم الذين يحملون شعار (كل شيء على ما يرام)، فتجد الشيخ مثلاً عنده أخطاء كبرى ومغالطات عظمى لكن بطانته يصوّبون قوله وفعله حتى يوصلوه إلى درجة العصمة، فيبقى على خطئه، ويستمر على أوهامه، والسياسي تُحجب عنه حقائق الوطن والناس تحت مظلّة (الناس مرتاحون ويدعون لكم وهم في أرغد عيش وأحسن حال)، فيُعطَّل اهتمام الوالي بأحوال الناس وحاجاتهم، وتنحدر البلاد في التّخلّف والفقر؛ لأن هذه العصبة قد ضمنت مصالحها، واطمأنت لمستقبلها، فلا يعنيها حال أحد من البشر. فينبغي أن تُخلع الأقنعة السوداء عن وجوه هذه البطانة التي تحفّ بالوالي والعالم والوجيه والرمز؛ ليرى الأمور كما هي، وتتضح له الأشياء على حقيقتها، ويتخذ القرار المناسب والقول المناسب والرأي المناسب في الوقت المناسب، وبإمكانك أن تسأل كل بطانة متنفّذة نفعية عن الرمز الذي تحفّ به فسوف تسمع من التقديس والغلو والإطراء ما تنفر منه الأسماع، وتشمئز منه الطباع، ويورث الرأس الصداع. |
أصبح النفاق لغة العصر أينما نذهب نجده أمامنا لكن ما يحزننا أننا نكتشف هؤلاء المنافقين في وقت متأخر رغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن من خان) يا لها من صدمة عندما تثق في شخص ما ثم نكتشف انه منافق يجعلنا نفقد الثقة في كل من حولنا
اسأل الله أن يبعد عنا وعنكم النفاق غنامي/شكرا جزيلا لك---تقبل مروري |
الدول العربيه وأغلب البلاد في العالم أبتليت بالبطانه الفاسده إبتداءاً من رئيس الدوله إلى أصغر مسئول فهم يريدون النفع لهم وحدهم فهم يداهنون ويتملقون وينافقون ويلمعون لأجل مصالحهم الخاصه لكي يضفرو بكل صغيرة وكبيره ويقع من بعدهم ضحية لهذا الفساد المدروس وينتشر الفقر والعوز وتتعطل مصالح الآخرين وتتخلف المجتمعات عن ركب الحضاره والتقدم غنامي شكراً لك لإختيارك الجميل |
مقال جميل واصاب فيه الدكتور فهذا هو الواقع مع الاسف الشديد
غنامي الف شكر لك على النقل والانتقاء الرائع , تحياتي |
مقال جميل
شكرا لطرحك غنامي عودتنا على المفيد احترامي لك |
غنامي مشكور على نقل هذا الموضوع الله يحفظك بحفظه
|
غنامي انا متاكد ان هذا المقال موجه للتويجري بالاخص لانه واضح وضوح الشمس فهو بعد تحركه في ازاله العثره التي كانت في طريقه والمتمثله في الشيخ العبيكان قد فضيت الساحه له ولمن هم على شاكلته من بني علمان في وضع الصوره المغايره عن احوال الشعب لدى الملك واخوانه بقولهم ان الشعب بخير ولايحتاج اي مساعدات ماليه وغيرها فهاهو صوت عايض القرني يرتفع لنصرة الحق واتوقع دربه درب العبيكان والايام القادمه تثبت لنا الخافي
وشكرآ للدكتور عايض هذا المقال وشكرآ لك للنقل |
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غنامي http://www.gnanim.com/vb/gnanimxp/buttons/viewpost.gif د. عائض القرني أصبح لكل رمز ديني أو سياسي أو وطني بطانةٌ يمارسون معه لعبة التضليل والتَّملّق والتّزلّف والمديح المزيف، فشيخُ العلم لديه أتباع من المحبِّين والمعجبين يخلعون عليه صفات الكمال ويوهمونه بأنه بركة العصر، ووحيد الدهر وشبيه البحر، وأن الله نفع بعلمه العباد والبلاد، وأن كتبه وفتاويه ودروسه شرّقت وغرّبت، فيصدّق المسكين ويقع في الفخ ويصاب بداء العجب والتيه. موضوع طيب من رجل أطيب ولكن هذه النقطة لا تمرق إلا على متعالم جاهل بمداخل الشيطان ولم نراها في علماء أهل السنة والجماعة الثقاة لا الأحياء منهم ولا الأموات رحمهم الله وليس لأهل السنة والجماعة رمز ديني يتبعونه سوى الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه هو وأصحابة ونهجهم السليم أما الأديان الأخرى فلهم رموز ومرجع ديني يرجعون له مخطئا أو مصيباً لا يكترثون لذلك نسأل الله العفو والعافية موفق إن شاء الله |
أما البطانة الفاسدة للحكام فحدث ولا حرج فهم في كل مكان وزمان ولقد وردني قصة لا أعلم مدى صحتها ولكنها تواترت عن بعض الثقاة أن المللك حفظه الله قد رأى في القيض ((الصيف )) في عز الحر في أحد المناطق الصحراوية بدوا في خيام فتسائل حفظه الله متعجباً عن سبب وجودهم في هذه المنطقه النائية وهل هم لا يستطيعون العيش في المدن فأجاب أحد الذين معه مِنْ مَنْ لبس ثياب الحب والولاء وهولو سمع خرفشةً لخفاش ليل لتولى فراراً من الجبن والخوف ونزع ذلك اللباس الذي يتخفى تحته الشاهد أن جوابه كان على شكل تدليس على السائل فقال لا يا طويل العمر لكن هذولي البدوا يحبون البر وبعضهم عنده بيت وبيتين لكن يحبون التمشي وراء مواشيهم شكرا لك يا غنامي على هذا الموضوع |
+4. الساعة الآن 02:40 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.
جميع مايطرح في المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة قبيلة الغنانيم الرسمية وإنما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط