يطالع قراء الصحف السعودية والمواقع الإلكترونية أخباراً لعددٍ من القضايا والجرائم الأخلاقية التي تحدث في مدن المملكة العربية السعودية الراقية أو في قراها الهادئة، ما بين خبرٍ عن وقوع جريمة ما أو عن إلقاء القبض على مرتكبي جريمة أخرى أو خبرٍ عن تنفيذ حكم شرعي على مجرمين تمادوا في إجرامهم.
والمتابع لصحفنا المحلية ولأحوال المجتمع يلحظ زيادة في أعداد الجرائم الأخلاقية وتنوعها، فهناك جرائم اختطاف مؤلمة وجرائم اغتصاب مع إصرارٍ على الجريمة واستهتار بكرامة الآخرين وصلت بأن يقوم المجرمون بتصوير جريمتهم البشعة، وقبل ذلك حدوث معاكساتٍ وخلوةٍ وتصويرٍ ثم تهديد فجريمة، وأصبح الكثير من أفراد المجتمع يتحدثون في مجالسهم وأماكن تجمعاتهم عن تلك الجرائم ويتألمون لها ويخافون من استمرارها وتمادي مجرميها.
وانطلاقاً من الدور الإعلامي لجريدة الجزيرة ومساهمة في تخليص مجتمعنا المسلم الآمن من جرائم الانحلال الأخلاقي والوقاية منها أقدم عدداً من المقترحات العملية، وهي كما يلي:
• أن تحدد الجهات الحكومية المسئولة عن إصدار الأحكام حيال هذه الجرائم العقوبة المناسبة التي يستحقها مرتكبو مثل تلك الجرائم، بل قد يصل الأمر إلى التعزير والتشهير بمرتكب الجريمة وذلك ليكون فيه ردعاً لكل من يضعف إيمانه أو تسول له نفسه ارتكاب مثل تلك الجرائم، وإذا كان من أسباب عدم التشهير المحافظة على سمعة ونفسية ذلك الجاني فمن يحافظ على سمعة ونفسية المجني عليه، وخصوصاً أن خبر الجريمة إذا انتشر لا ينتشر معه غالباً إلا أسم المجني عليه، كما أن في التشهير تحذير لأفراد المجتمع من الوقوع فريسة لأولئك المجرمين الذين يسعون في الأرض فساداً.
• أن على الجهات الأمنية مسئولية كبيرة في متابعة وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم والتعامل معهم بحزمٍ وقوة، وعدم التسامح معهم تسامحاً يؤدي إلى تماديهم، وقد رفعنا رؤوسنا بين العالم بجهود رجال الأمن في مكافحة الإرهاب والإرهابيين في بلادنا، وأملنا أن نرفع رؤوسنا كذلك بدورهم الفاعل في وقاية مجتمعنا من جرائم الانحلال الأخلاقي ومكافحتها، إذ إن الاعتداء على الآمنين وترويعهم وهتك حرماتهم وأعراضهم وإهدار دمائهم هو جامع الإرهاب، وإن لم يكافح رجال الأمن تلك الجرائم ويحمون المجتمع من شرورها فمن لنا بعد الله غيرهم في ذلك.
• أن تقوم وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بدورها المنشود في تقوية إيمان أفراد المجتمع وتحذيرهم من الانحلال الأخلاقي وتوعيتهم بحرمة هذه الجرائم والعقوبات المترتبة عليها في الدنيا والآخرة، وذلك عن طريق التأكيد على خطباء الجوامع وأئمة المساجد والدعاة والمحاضرين بأن يتناولوا هذه الجرائم ويرشدوا أفراد المجتمع إلى عدم الوقوع فيها وإلى كيفية تفادي حدوثها، وأن يكون للوزارة ومكاتبها الدعوية حضورٌ مؤثر وفاعل في المناسبات وأماكن تجمع الشباب واستثمارها في التوعية والتوجيه والإرشاد، كما أن عليها استغلال المنابر الإعلامية (المقروءة والمسموعة والمرئية) في تحقيق رسالتها الدعوية.
• لا يخفى على المنصفين جهود الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كشف كثيرٍ من الجرائم الأخلاقية أو منعها قبل حدوثها وحماية الأعراض من أن يدنسها ذئاب بشرية، ولتفعيل دورها في وقاية المجتمع من الانحلال الأخلاقي فإنه لابد من زيادة التأهيل العلمي لأفراد الهيئات وإقامة دورات تدريبه في مجال عملهم وإعطائهم البدلات المالية عن خارج أوقات دوامهم وأن توفر لهم التجهيزات المادية اللازمة للقيام بدورهم الإيجابي في المجتمع.
• يناط بوزارة التربية والتعليم ومدارسها دورٌ كبير في وقاية المجتمع من جرائم الانحلال الأخلاقي ومعالجتها، إذ إن جميع أفراد المجتمع لابد وأن يلتحقوا بمدارس التعليم العام –والنادر لا حكم له-، فينبغي أن يفعّل محتوى المناهج الدراسية الموجه لمعالجة تلك الجرائم تفعيلاً إيجابياً عن طريق المعلمين والأنشطة المدرسية، كما أن على مديري المدارس والوكلاء والمرشدين الطلابيين دورٌ كبير في متابعة الطلاب وملاحظتهم والتنبيه على بعض السلوكيات التي قد تكون الشرارة الأولى لوقوع مثل تلك الجرائم، كما يمكن أن تنسق المدارس مع إدارات التربية والتعليم ومكاتب الدعوة في إقامة البرامج التربوية والتوعوية داخل المدرسة للوقاية من تلك الجرائم.
• الإعلام: يلقى على وسائل الإعلام بشتى صورها مسئولية كبيرة في وقاية المجتمع من جرائم الانحلال الأخلاقي، إذ إن بعض الشباب يتعلم من وسائل الإعلام كيفية ارتكاب هذه الجرائم، وبعضهم الآخر تكون وسائل الإعلام داعية له بالإثارة إلى الانحلال الأخلاقي ثم ارتكاب الجريمة، ولأن وسائل الإعلام هي من أكثر الوسائل تأثيراً على الأفراد فإن على وسائلنا الإعلامية أن تقدم البرامج الوقائية والعلاجية للانحلال الأخلاقي وجرائمه.
• أن تكثف وزارة الشئون الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب من برامجهما الاجتماعية والثقافية الموجهة لاستثمار أوقات الشباب ومعالجة مشكلاتهم تحت إشراف مسئولين مؤهلين، وأن تهيئ الأماكن المناسبة لقضاء أوقات الشباب كمراكز الأحياء والأندية الرياضية والصالات الترفيهية والنوادي الاجتماعية وغيرها.
• الآباء: يناط بالآباء مسئولية جسيمة في توعية وتحذير أفراد أسرهم من الوقوع في مثل تلك الجرائم، كما أنهم مطالبون بمتابعتهم والمحافظة عليهم، ومصارحتهم عند التوعية فقد لا يكفي التلميح في هذا الوقت، كما أن عليهم توفير الوسائل المشروعة للترفية عن أبنائهم وعدم توفير بعض الوسائل التي قد تساعد وتدعو إلى ارتكاب الجريمة الأخلاقية.
• العمالة الوافدة: كشفت الحملات الأمنية التي قامت وتقوم بها مشكورة وزارة الداخلية العديد من الجرائم الأخلاقية التي تقوم بها هذه العمالة كما كشفت عن ترويجها للمواد الداعية لارتكاب تلك الجرائم، بل إن بعضهم قد يكون وسيطاً (سمساراً) في تنفيذ تلك الجرائم الأخلاقية، لذا فإن الجهات المسئولة منوط بها أن تتعامل بحزم وقوة مع من يسيء إلى أمن وأخلاق هذه البلاد، ألا يكفي أنهم أتوا إلينا لينعموا بثرواتنا المادية، فهل نسمح لهم بأن يعتدوا على أمننا وأخلاقنا؟
• أفراد المجتمع: إن كل فرد في مجتمعنا له دور في الوقاية من جرائم الانحلال الأخلاقي، فابتعاده عنها أصلاً واجب شرعي ففي الحديث: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوه"، وتوعيته بأضرارها ومخاطره خيرية له ولمجتمعه قال تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، وتحذيره منها مطلب إنساني وإسلامي ووطني فالساكت عن وقاية المجتمع من تلك الجرائم شيطان أخرس، ومن اعتدى على غيرك اليوم قد يعتدي عليك أو على أحد أفراد عائلتك غداً.
أخيراً: إن وقاية المجتمع من الانحلال الأخلاقي وجرائمه المؤلمة مسئولية كبيرة لا يمكن أن تتحملها جهة محددة أو أفراد معيين، وإنما لابد أن يشعر الجميع بخطر المشكلة أولاً ثم تتكاتف الجهود ويتعاون الأفراد في تلك الوقاية والعلاج قال الله تعالى:" وما كان ربك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون
لكم إحترامي
فهد الباجد
g;d krd l[jlukh hgsu,]d lk [vhzl hghkpghg hghoghrd