يقول الراوي:
كان الشيخ راكان في أواخر أيامه وقد بلغ من الكبر عتيا فحصل ذات مرة أن خرج هو ومعه شاب في عنفوان شبابه من أبناء قبيلته العجمان خرج الاثنان لأمر ما . . وأدركهما التعب فأرادا أن يستريحا .. فإذا هما يريان على بعد بيتاً .. فلما اقتربا من البيت إذا هو خالٍ من الرجال وليس به سوى امرأة .. فتعاند الشيخ راكان ورفيق سفره من باب الطرفة .., فقال الشاب للشيخ : أراهنك على أن الفتاة سوف تجلسني وتأمرك أنت بصنع القهوة ظنا منها أنني أنا الشيخ . . فأجابه راكان : إذا كانت تستطيع التمييز فستأمرك أنت وتجلسني .. فاتفقا على ألاَّ يخبراها بشيء ويتركاها تتصرف بحرية تامة .. وكعادة بنات البدو لما نزل الضيفان استقبلتهما ببشاشة وفرشت لهما للجلوس .. فالبدوية تقوم بواجب الضيافة في غياب زوجها أو والدها حفاظاً على سمعته..
المهم أنها أخذت برهة تدقق بوجهي الضيفين وتفكر . . ثم أحضرت الفأس ورمته على الشيخ راكان وقالت له : قم واحطب وشب النار ((لمعزبك)) أي عمك أو سيدك وصلح له القهوة ..
التفت الشيخ راكان للشاب وأشار له بالسكوت كما اتفقا .. وأخذ الفأس وجمع الحطب وأوقد النار وصنع القهوة . . . هذا كله والشاب جالس لا يحرك ساكناً .. امتثال لأمر الشيخ راكان ولما انتهى من صنع القهوة حمل الدلة وصب للشاب حتى انتهى ثم جلس وشرب والمرأة تنظر إليهما . . فلما فرغ الشيخ راكان من احتساء قهوته التفت ناحيتها وأنشد يقول مخاطباً الفتاة:
#poem_4d54f771646f4 td {font-family: Simplified Arabic;font-size: medium;font-weight: bold;}يا زين يللي في ذراعك نقاريش
الحكم حكم الله وحكمك على الراسإن شيتني حشاش سيد الحواشيش
وإن شيتني حطاب قرب لي الفاسوإن شيتني خيال أروي المعاطيش
واثني وراهم يوم الأرياق يباسالفرخ لا يغويك في صفة الريش
طير الحبارى يا اريش العين قرناس
ولما فرغ الشيخ راكان من قصيدته قالت الفتاة : أدخل على الله أي أحلفك بالله ما أنت الشيخ راكان ..قال بلى . . . فخجلت وحاولت تصليح خطئها معتذرة أنها لم تعرفه .. فضحك الشيخ راكان وهدأ من روعها وأخبرها برهانهما..